زهرة إلى أنّ التكليف السمعيّ ملازم للتكليف العقليّ في أبحاث التوحيد والعدل من التكليف العقلي فإنّه حقيقة يريد بذلك أن يلفت النظر إلى أنّ أساس التكليف السمعيّ قائمٌ على التكليف العقليّ ولذلك قدّمه مرتبةً في ترتيب مواضيع الكتاب.
فمع مراعاة الصياغة الكلّية وأهمّ ما ورد في هذا الفصل يمكننا تلخيص هذا الفصل على النحو التالي : «التكليف ... عبارة عن إرادة من تجب طاعته ما فيه كلفة ومشقّة ... و ... كراهة من تجب طاعته ما في تركه مشقّة ... وما أراده القديم ـ تعالى ـ وكره على ضربين : عقليٌّ وسمعيٌّ ؛ فالعقليُّ على ضربين : أحدهما العلم به ضروريٌّ من فعل المكلِّف ـ سبحانه ـ ، والثاني العلم به مكتسب من فعل المكلَّف ، فالأوّل كالعلم بوجوب الصدق والإنصاف ... وقبح الظلم والكذب ... والثاني على ضربين : توحيد وعدل. فالتوحيد ينقسم إلى إثبات ونفي ، ... والعدل تنزيهه ـ سبحانه ـ عن أن يفعل قبيحاً أو يخلّ بواجب ، وهذا التكليف فرع على التكليف الأوّل ومبنيٌّ عليه ... وأمّا التكليف السمعيّ فالعلم به في الأصل مكتسب ومتفرّع على التكليف الثاني من العقليّ ومرتّب عليه ... وإذا ثبت كون التكليف العقليّ أصلاً في السمعي ، وجب الإبتداء به ثمّ إتباعه بالسمعيّ»(١).
وقد جاء الفصل الثاني تحت العنوان التالي : (في الدلالة على وجوب النظر وأنّه أوّل الأفعال الواجبة) حيث جاء فيه بيان أهمّية النظر في الآيات
__________________
(١) غنية النزوع باب الاصولين : ١٩ ـ ٢١ ، النسخة المصوّرة : ٢ ـ ٤.