مقايسة هذين الكتابين مع غنية النزوع ولو بشكل إجمالي يبيّن لنا مدى تأثّر ابن زهرة في تصنيفه للغنية بتصانيف أبي الصلاح حيث أخذ بالمضامين والألفاظ وحتّى الهيكلية الكلّية للكتاب.
إنّ أوّل ما تناوله أبو الصلاح في كتابه الكافي هو حقيقة التكليف ووجوب إعمال النظر(١) ، وبتقسيمه التكاليف إلى قسمين : التكاليف العقلية والتكاليف السمعية فرّع أبحاث التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة على قسم التكليف العقلي(٢) ، وفرّع أبحاث الصلاة والحقوق المالية والزكوة وغيرها من الفروع على قسم التكليف السمعي(٣) ، وبذلك يتبيّن أنّ الفرق في صياغة هيكلية الكافي مع الغنية في أمرين : الأوّل أنّ الكافي لم يحتو على أصول الفقه(٤) ، والأمر الآخر هو أنّ أبا الصلاح الحلبي لم يورد أبحاث المعاد وما يترتّب عليه من ثواب وعقاب في آخر قسم التكاليف العقلية بل قد عقد له فصلاً مستقلاًّ في آخر الكتاب تحت عنوان (المستحقّ بالتكليف وأحكامه)(٥).
__________________
(١) الكافي : ٣٤ ـ ٣٩.
(٢) الكافي : ٣٩ ـ ١٠٦.
(٣) الكافي : ١٠٩ ـ ٤٥٣.
(٤) ومن الجدير بالذكر هنا هو الإشارة إلى ما جاء في آخر النسخة المطبوعة من كتاب الكافي ـ ٥٠٦ ـ ٥١٢ ـ حيث يبدو أنّ محلّه ليس في آخر الكتاب بل في باب الإمامة من التكاليف العقلية ، حيث أنّ سياق الكلام فيه عن حجّية أحاديث وفتاوى أهل البيت عليهمالسلاموعن طريق العلم بوثاقة الكلام المنقول عنهم ، علماً بأنّه عند ما تطرح مسألة الخبر المتواتر وكاشفيّته ووثاقة الروايات فإنّنا سوف ندخل في بعض مباحث علم الأصول شئنا أم أبينا.
(٥) الكافي : ٤٥٦ ـ ٥٠٥.