وتعالى ما ابتلاك بهذه الرزية في الدنيا إلاّ ويعوّضك الجنّة في الآخرة.
وقيل لبعضهم أيسُّرُك أن تدخل الجنّة وأنت باهلي؟ فقال : نعم بشرط أن لا يعلم أهل الجنّة أنّي باهلي».
ومن هذا الباب ما رواه أبو العباس المبرّد في كتابه الكامل بسنده إلى أبي قِلابه الجرمي أنّه قال : «حججت مرّة مع أبي جزء بن عمرو بن سعيد بن سلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي قال : وكنّا في ذراه وهو إذ ذاك بهيّ وضيّ ، فجلسنا في المسجد الحرام إلى قوم من بني الحارث بن كعب ، لم نر أفصح مِنْهُم ، فرأوا هيأة أبي جزء وإعظامنا إيّاه مع جماله ، فقال قائل منهم له : أمن أهل بيت الخليفة أنت؟ قال : لا ولكن رجل من العرب قال : ممّن الرجل قال : رجل من مضر ، قال : أَعْرَض ثَوبَ الملبس (١) ، من أيّها عافاك الله؟ قال : رجل من قيس. قال : أين يراد بك : صِر إلى فصيلتك التي تؤويك ، قال : رجل من بني سعد بن قيس قال : اللهمّ غفراً ، من أيّها عافاك الله؟ قال : رجل من بني يعصر. قال : من أيّها؟ قال : رجل من باهلة. قال : قُمْ عنّا ، قال أبو قِلابة؟ فأقبلت على الحارثي فقلت : أتعرف هذا؟ قال : هذا ذكر أنّه باهلي ، قال : قلت : هذا أمير ابن أمير ابن أمير ، قال : حتّى عددت خمسة : هذا أبو جزء أمير ، ابن عَمْرو وكان أميراً ابن سعيد وكان أميراً ابن سلم وكان أميراً ابن قتيبة وكان أميراً.
قال الحارثي : الأمير أعظم أم الخليفة؟ فقلت : بل الخليفة ، قال :
__________________
(١) أعرض ثوب الملبس ، كمقعد ، ومنبر ، ومفلس ، مثل يُضرب لمن كثر من يتّهمه. ولم يشرحه محقّق الكامل الأستاذ محمّد أبو الفضل إبراهيم رحمه الله تعالى.