الخليفة أعظم أم النبيّ؟ قلت : بل النبيّ ، قال : والله لو عددت له في النبوّة أضعاف ما عددت له في الإمارة ، ثمّ كان باهلّياً ، ما عبأ الله به شيئاً.
قال : فكادت نفس أبي جزء تخرج (تفيض خ ل) ، فقلت له : انهض بنا فإنّ هؤلاء أسوأ الناس أدباً».
وكانت قبيلة غنيّ أُخوة باهِلَةَ خاملة أيضاً وقد هُجيت لكنّ ما هجيت به لم يبلغ ما هجيت به باهلةُ وممّا هجيا به معاً قول الشاعر :
وخيبة (١) من يخيب على غني |
|
وباهلة بن يعصر والركابِ |
ومع ما كانت عليهِ قبيلة غَنيّ أخت باهلة من الضَّعة والخمول ، فقد كان من رجالها من يغالي بشأنها ويفضلّها ـ وهي المفضولَةُ ـ على جميع قبائل العرب بل على الخلق أجمعين ، وفي الباب حكاية أنقلها استطراداً للتفكّهة نقلها أبو العباس المبرّد في الكامل قال : «وحدّثني عمرو بن بحر الجاحظ ، قال : أتيت أبا الربيع الغنوي ، وكان من أفصح الناس وأبلغهم ، ومعي رجل من بني هاشم ، فقلت : أبو الربيع هاهنا؟ فخرج إليّ وهو يقول : خرج اليك رجل كريم ، فلمّا رأى الهاشمي استحيا من فخره بحضرته ، فقال : أكرم الناس رديفاً ، وأشرفهم حليفاً ، فتحدّثنا مليّاً ، فنهض الهاشمي ، فقلت لأبي الربيع : يا أبا الربيع مَن خير الخلق؟ فقال : الناس والله فقلت : من خير النّاس؟ قال : العرب والله ، فقلت : من خير العرب؟ قال مضر والله ، قلت : فمن خير مضر؟ قال : قيس والله ، قلت فمن خير قيس؟ قال : يعصر والله ، قلت : فمن خير يعصر قال : غنيّ والله ، قلت : فمن خير غني؟ قال المخاطب لك والله ، قلت :
__________________
(١) يريد : يا خيبة من يخيب كما في الكامل.