أقول : وعلى هذه اللغة جاء قول الآخر وهو من الشعر السائر :
إنّ أباها وأبا أباها |
|
قد بلغا في المجد غايتاها |
ومن طريف المنقول أنّ أبا حنيفة الفقيه المشهور سُئل : إذا ضرب رجل رجلا بصخرة ، فمات أتَقِيْدُهُ به؟ فقال : لا أقيْده به ، ولو ضربه بأبا قبيس (٢٥) وأذكر أنّي قرأت هذه الحكاية في أكثر من كتاب ومنها كتاب تاريخ مدينة السلام المعروف باسم تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (ت ٤٦٣هـ) الحنبلي ثمّ الشافعي ، فقد بسط القول في ترجمة أبي حنيفة وإن من الإنصاف أن أقول : إنّ فيها تحاملا واضحاً منشؤه الخلاف في المذهب ويخطر بالبال أنّ غير واحد من أتباع المذهب الحنفي ردّ على الخطيب البغدادي في تحامُلِهِ على أبي حنيفة.
وممّا رُدّ به عليه في خصوص الحكاية المذكورة آنفاً (ولو ضربه بأبا قبيس) أنّ هذا ، إن صحّ فهو على لغة بني الحارث بن كعب ، وردّ عليه المنتصر للخطيب البغدادي بأنّ أبا حنيفة لم يكن من بني الحارث بن كعب حتّى ساغَ له أن يتكلّم بلغتهم فيما هذا سبيله ......
* وفي ص٤٨٧ ، من حماسية البرج بن مسهر الطائي البيت الثالث :
فإنّ الغدرَ قد أمسى وأضحى |
|
مقيماً بين خبت إلى المسات |
وقد أفادَ الشارح أنّ خبت والمسات من مواضع قبيلةِ كلب القضاعية.
أقول : ومعنى هذا البيت يُشْبِهُ معنى ما قاله شاعرٌ آخر في الهجاء فيما أحفظ :
__________________
(٢٥) أبو قبيس من جبال مكّة المكرّمة.