قال القاضي : بل المجاهد عليّ والقاعد أبو بكر.
قال الرجل : ناشدتك الله أيّها القاضي أيّما أفضل ، من لم يفرّ في موقف من مواقف الجهاد أم من فرّ يوم أحد وخيبر ، وقد قال الله تعالى : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذ دُبُرَهُ إلاّ مُتَحَرِّفَاً لِقِتَال أَوْ مُتَحَيِّزَاً إَلَى فِئَة فَقَدْ بَآءَ بِغَضَب مِّنَ اللهِ)؟(١).
قال القاضي : بل من لم يفرّ وثبت في الجهاد أفضل.
قال الرجل : فهل الذي فرّ من هذه المواقف وولّى دبره عليّ والثابت أبو بكر ، أم الذي ولّى دبره أبوبكر والثابت الذي جعل الله النصر على يديه وأنزل السكينة عليه عليّ؟
قال القاضي : بل عليّ بن أبي طالب الثابت والذي ولّى دبره أبو بكر(٢).
قال الرجل : أعجب من تولية الرجل دبره خوفاً على نفسه [ومن] قول من يقول بتفضيله بعد علمه بفراره وعلمه بقول الله تعالى : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذ دُبُرَهُ إلاّ مُتَحَرِّفَاً لِقِتَال أَوْ مُتَحَيِّزَاً إَلَى فِئَة فَقَدْ بَآءَ بِغَضَب مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيْرُ)(٣) ، فهو معذور في الفرار خوفاً على نفسه فما عذر من يقول بتفضيله ومنع إخبار الله تعالى باستحقاقه غضب الله بفراره
__________________
(١) الأنفال : ١٦.
(٢) اُنظر الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) ٦ / ١٨٠.
(٣) الأنفال : ١٦.