لكي يستقيم أمره ويستقرّ ملكه أن يتذرّع بكلّ وسيلة يستطيعها ، خفيّة كانت أو مفضوحة ليختدع بها العامّة ويحوّل أنظارهم إليه ، ومن أوّل هذه الوسائل أن يتظاهر بموالاة النبيّ ويبالغ في محبته لعلّه يبلغ بذلك مكانة يزاحم بها عليّاً رضي الله عنه! ولكن أنّى له ذلك وعليٌّ في السماك منه وإنّه كان أقرب الناس وأحبّهم إلى قلب النبيّ حتّى جعله منه كهارون من موسى! ومن كان موالياً للنبيّ حقّاً فعليه أن يوالي عليّاً لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه!) على أنّ الإيمان ومقرّه القلب ولا يعلمه إلاّ الله ليس أمره سهلاً ، وأنّ مظاهره ليست في أداء الفرائض ولا في التظاهر بحبّ النبيّ والتبرّك بآثاره وإنّما آيته أن يتّبع الرسول فيما جاء به أمراً ونهياً اتّباعاً ليس فيه ترخّص ولا انحراف ، ومثل معاوية بما اقترف في حكمه من الموبقات لا يصحّ في عقل عاقل أن يعدّ من المؤمنين الصادقين»(١).
* «كان يزيد هذا صاحب لهو وعبث مسرفاً في اللذّات مستهتراً ، وكانت أمّه ميسون نصرانية كنائلة زوج عثمان وكانت كثيراً ما تصطحبه إلى البادية حول تدمر حيث تقيم قبيلتها وهناك شرب الخمر وانغمس في اللّذات وأخذ منها ما شاء له هواه وفسقه وقد كانوا يسمّونه يزيد القرود ويزيد الخمور»(٢).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) نفس المصدر : ١٦٦.
(٢) نفس المصدر : ١٧٧.