قومهِ ، وكتبَوا وشاية عند السلطان العثماني بزعمِ تحوُّلهِ إِلى المذهبِ الشِّيعىِّ! ، ونتيجة لذلكَ صار «بعد ذلك يزور المشاهد ولكنْ على قلَّة ، ولا يشدُّ الرّحالَ إِليها إلاّ بإظهار حاجة أو علَّة»(١) ـ ثُمَّ نُقِلَ هذا الوالي من بغداد إلى مَحَلِّ ولايتهِ الأَوَّلِ وَهي ديار بكر ، وجاء بَعدَهُ الوالي حسن رفيق باشا ، وكان من المقرَّبين إلى السُّلطانِ عبد الحميد ، وحَدَثَتْ بينَهُ وبينَ الشَّيخِ علىّ منافرةٌ ، فاقتضت الأحوالُ وساعدتِ الظروفُ على سفر الشيخ إلى إسلامبول لمقابلة السلطان سنة (١٣٠٩هـ) ، واجتمع بهِ أكثر من مرَّة ، ثمَّ ذَهَبَ إِلى الحَجِّ ، وسَافرَ إِلى القُدس ، ثُمَّ كانتْ رحلتهُ الثانية إلى الآستانة التي امتدَّتْ أربعَةَ أَعوَام ، وحينما(٢) كانَ هناكَ عَثَرَ على مَخطُوطِ (شرح أبي تمّام على هِجَاءِ جرير والأخطل) ، وقد كان بخطِّ مغربىّ قَدِيم ومُعَمَّى ، فَعكفَ على قِرَاءَتِهِ وتَفَهُّمِهِ حتَّى أَتقَنَهُ ، وبَدَأَ بِنَسخِهِ ، وعندَمَا بَلَغَ الصَّفحَةَ الأَخيرة وإذا بجلواز السُّلطانِ عبد الحميد الثاني يبلغهُ بِكلِّ عُنف لزوم حضورهِ حالا إلى البابِ العالي ـ متَّهماً إِيَّاهُ بالتَّواطؤ مع أبي الهُدَى الصيّادىّ(٣) في تدبير مؤامرة سياسيَّة ـ لكنَّ الشَّيخَ عليّاً رَفَضَ ذلك ، وقال بإصرار : (هيهاتَ! لا أُلبِّي الطلبَ قَبلَ أنْ أُتِمَّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ١٤٠.
(٢) الأحلام ٦٠ ، هكذا عرفتهم ١/٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، موسوعة العتبات المقدّسة (قسم النجف) ٢/٢٤٥ ، المفصّل في تاريخ النجف الأشرف ١٩/٥.
(٣) محمّد بن حسن وادي بن علىّ بن خزام الرفاعىّ. وُلِدَ سنة (١٢٦٦هـ). تَوَلَّى منصب (شيخ مشايخ الدولة العثمانية) في زمن السُّلطان عبد الحميد ، ثمَّ تولَّى نقابة الأشراف. من مؤلَّفاته (الجوهر الشفّاف في طبقات السادة الأشراف). تُوُفِّيَ في سجن الاتّحاديّين سنة (١٣٢٨هـ/١٩٠٩م). ترجمتهُ في الأعلام ٦/٩٤.