الحسين بن عليّ الأصغر وهو منبسط على فراش له وهو مريض ، وإذا شمر ابن ذي الجوشن في رجالة معه يقولون : ألا نقتل هذا. قال : فقلت : سبحان الله أنقتل الصبيان إنّما هذا صبيّ؟ قال : فما زال ذلك دأبي أدفع عنه كلّ من جاء حتّى جاء عمر بن سعد فقال : ألا لا يدخلنّ بيت هؤلاء النسوة أحد ، ولا يعرضنّ لهذا الغلام المريض ، ومن أخذ من متاعهم شيئاً فليردّه عليهم ، قال : فوالله ما ردّ أحد شيئاً ، قال : فقال عليّ بن الحسين : جزيت من رجل خيراً فوالله لقد دفع الله عنّي بمقالتك شرّاً...»(١).
ومن هنا لابدّ النظر بدقّة وتمحيص لهذه الروايات لأجل الوصول إلى الملامح الرئيسية والأدوار المتتابعة له خلال هذه المرحلة ، من خلال ما يأتي :
١ ـ روايته للمراسلات التي جرت بين عبيد الله بن زياد أمير الكوفة وعمر بن سعد قائد جيش الأمويّين في المعركة ، وروايته لخبر إرسال عبيد الله رسالة بيد الشمر بن ذي الجوشن لعمر بن سعد ، ووصول هذا يوم التاسع ، وكانت الرسالة تحمل في مضمونها أمر القتال(٢) ، عن حميد بن مسلم قال : «ثمّ إنّ عبيد الله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له : اخرج بهذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) المصدر نفسه ٤/٣٤٧.
(٢) ومحتوى الرسالة هي : «أمّا بعد ، فإنّي لم أبعثك إلى الحسين لتطاوله الأيام ، ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ، ولا لتكون شفيعه إليّ ، فأعرض عليه ، وعلى أصحابه النزول على حكمي ، فإن أجابوك فابعث به وبأصحابه إليّ ، وإن أبوا فازحف إليه ، فإنّه عاقّ شاقّ ، فإن لم تفعل فاعتزل جندنا ، وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنّا قد أمرناك بأمرنا. فنادى عمر بن سعد في أصحابه أن انهدّوا إلى القوم».
ينظر : الأخبار الطوال : ٢٥٥ ، الإرشاد ٢/٨٨ ، روضة الواعظين : ١٨٢ ـ ١٨٣.