صرد الخزاعي أنّ أوج الثورة والعمل المسلّح والإطاحة بقواعد الدولة الأموية في العراق قد وصل أعلى مراحله وخاصّة بعد السيطرة على الكوفة ، ولم يبق سوى عبيدالله بن زياد في الموصل حيث كانوا على استعداد للّقاء به ، أمّا بالنسبة للمختار كان يرى أنّ قواعد التنظيم بالنسبة للعمل العسكري لم تنتظم بعد وخاصّة أنّ عبيدالله بن زياد لم يزل يمتلك قوّة لا يستهان بها لذا آثر أن يغتنم وقتاً أكبر لأجل الوصول إلى نتائج مرضية والاستفادة من جميع القوى والفئات في الكوفة أو خارجها على أمل أن يحقّق نصراً يشلّ فيه أذناب الدولة الأموية في العراق ، وهذا ما شاهدناه فيما بعد من القضاء السريع على ثورة التوّابين ، لذا عمل المختار بخطّ آخر وأخذ يجمع حوله ما تمكّن من الأشخاص وكان انهيار ثورة التوّابين بالنسبة له أن ينفرد بالساحة الكوفية تحت لواء واحد ، ويصبح الزعيم المنتظر لشيعتها(١).
يكمن دور حميد بن مسلم خلال هذه المرحلة المهمّة بجوانب عدّة وخاصّة ، بعد إعلان المختار عن برنامجه الذي سيقوم به بعد سيطرته على مقاليد الأمور من خلال لقائه بشخصيّات الكوفة في سجنه ، فكان لا ينفكّ يردّد على مسامع زائريه أنّه لن يتخلّى مطلقاً عمّا سعى إليه وجاء من أجله ، أو يتوقّف لحظة عن السير في الاقتصاص ومعاقبة المسؤولين عن دم الحسين ، والمضيّ في ملاحقتهم أيّاً كانوا وفي أيّ أرض ذهبوا إليها ، وكانت هذه عصب دعوته الرئيسية ، وتردّدت على مسامع حميد بن مسلم توجّه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) المصدر نفسه : ١٢١.