لم يخبر تلاميذَه بعزمه على البقاء بها في بادئ الأمر ، ولمّا أعلن ذلك خفّ إليه الطلاّب ، وهاجر إليه المترجمُ له في (١٢٩٢هـ) بأهله وعِياله مع شيخه المولى فتح علي السلطان آبادي صهره على ابنته الشيخ فضل الله النورىّ ، وهم أوّل المهاجرين إليها. ورُزق حجّ البيت ثالثاً ، ولمّا رجع سافر إلى إيران ثالثاً في (١٢٩٧هـ) وزار مشهدَ الرضا عليهالسلام ورجع فسافر إلى الحجّ رابعاً في (١٢٩٩هـ) ، ورجع فبقي في سامرّاء ملازماً لأستاذه المجدّد ، حتّى توفّي في (١٣١٢هـ) ، فبقي المترجمُ له بعده بسامرّاء إلى (١٣١٤هـ) ، فعاد إلى النجف عازماً على البقاء بها حتّى أدركه الأجل.
انتهى ملخّصاً عن ما ترجم به نفسُه في آخِر الجزء الثالث مِن كتابه المستدرك مع بعض الإضافات.
كان الشيخُ النورىّ أحد نماذج السلف الصالح التي ندُر وجودُها في هذا العصر ، فقد امتاز بعبقرية فذّة ، وكان آيةً مِن آيات الله العجيبة ، كمنت فيه مواهب غريبة وملكات شريفة أهّلته لأن يعدّ في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرّسوا حياتهم طوالَ أعمارهم لخدمةِ الدِّين والمذهب ، وحياتُه صفحةٌ مشرقةٌ من الأعمال الصالحة.
وهو في مجموع آثاره ومآثره إنسانٌ فرض لشخصه الخلود على مرّ العصور ، وألزم المؤلّفين والمؤرّخين بالعناية به والإشادة بغزارة فضله ، فقد نذر نفسه لخدمة العلم ، ولم يكن يهمّه غير البحث والتنقيب والفحص والتتبّع ، جمع شتات الأخبار وشذرات الحديث ونظم متفرّقات الآثار وتأليف