شوارد السِيَر.
وقد رافقه التوفيقُ وأعانته المشيئةُ الإلهيّةُ ، حتّى ليظنَ الناظرُ في تصانيفه أنَّ الله شملَهُ بخاصّةِ ألطافه ومخصوص عنايته ، وادّخر له كنوزاً قيّمةً لم يظفر بها أعاظمُ السلف من هواة الآثار ورجال هذا الفن ، بل يخيّل للواقف على أمره أنَّ الله خلقَه لحفظِ البقية الباقية من تُراثِ آل محمّد عليه وعليهم السلام (وَذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيْهِ مَنْ يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيْمٌ).
تشرّفتُ بخدمته للمرّة الأولى في سامرّاء في (١٣١٣هـ) بعدَ وفاة المجدّد الشيرازي بسنة ، وهي سنةُ ورودي العراق ، كما أنّها سنةُ وفاةِ السلطان ناصرالدّين شاه القاجاري.
وذلك عند ما قصدتُ سامرّاء زائراً قبلَ ورودي إلى النجف فوفقتُ لرؤيةِ المترجم له بداره ، حيثُ قصدتُها لاستماع مصيبةِ الحسين عليهالسلام ، وذلك يومَ الجمعة الذي ينعقدُ فيه مجلسٌ بداره ، وكان المجلسُ غاصّاً بالحضور والشيخُ على الكرسىّ مشغولٌ بالوعظ ، ثمّ ذكر المصيبةَ وتفرّق الحاضرون ، فانصرفتُ وفي نفسي ما يعلمه الله من إجلال وإعجاب وإكبار لهذا الشيخ ؛ إذ رأيتُ فيه حينَ رأيتُه سماتَ الأبرار مِن رجالنا الأول.
ولمّا وصلتُ إلى النجف بقيتُ أمنّي النفس لو أن تتّفق لي صلةٌ مع هذا الشيخ لأستفيد منه عن كَثب ، ولمّا اتفقت هجرته إلى النجف في (١٣١٤هـ) لازمتُه ملازمةَ الظلّ ستّ سنين ، حتّى اختار الله له دارَ إقامته.
ورأيتُ منه خلالَ هذه المدّة قضايا عجيبةً لو أردتُ شرحَها لطال