وفي الصباح يأتيه مَن كان يُعينه على مقابلة ما يحتاج إلى تصحيحه ومقابلته ممّا صنّفه أو استنسخه من كتب الحديث وغيرها ، كالعلّامتين الشيخ علىّ بن إبراهيم القمّيّ ، والشيخ عبّاس بن محمّدرضا القمّيّ ، وكان معينُه على المقابلة في النجف وقبل الهجرة إلى سامرّاء فيها أيضاً المولى محمّد تقىّ القمّيّ الباوزئيري الذي ترجمناه في القسم الأوّل من هذا الكتاب ص ٢٣٨ ، وكان إذا دخل عليه أحدٌ في حال المقابلة اعتذر منه أو قضى حاجتَه باستعجال ؛ لئلاّ يزاحمَ وروده أشغاله العلمية ومقابلته ، أمّا في الأيّام الأخيرة ، وحينما كان مشغولاً بتكميل المستدرك فقد قاطع الناسَ على الإطلاق ، حتّى أنّه لو سُئل عن شرح حديث أو ذكر خبر أو تفصيل قضية أو تأريخ شيّء أو حال راو أو غير ذلك مِن مسائل الفقه والأصول لم يُجب بالتفصيل ، بل يذكر للسائل مواضع الجواب ومصادره فيما إذا كان في الخارج ، وأمّا إذا كان في مكتبته فيخرج الموضوعَ من أحد الكتب ، ويُعطيه للسائل ليتأمّلَه. كلُّ ذلك خوفَ مزاحمةِ الإجابةِ الشغلَ الأهمَّ من القراءة أو الكتابة (١) ، وبعد الفراغ من أشغاله كان يتغذّى بغذاء معيّن كمّاً وكيفاً ، ثمّ يقيل ويُصلّي الظهر أوّل الزوال ، وبعد العصر يشتغل بالكتابةِ كما ذكرنا.
أمّا في يوم الجمعة فكان يُغيّر منهجَه ، ويشتغل بعد الرجوع من الحرم الشريف بمطالعة بعض كتب الذكر والمصيبة لترتيب ما يقرؤه على المنبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) كان ذلك من الله فكأنّ هاتفاً هتف في أذنه وأمره بتركِ أشغاله لأ نّه توفّي بعد تتميم الكتاب بقليل. (منه).