بداره ، يخرج من مكتبته بعد الشمس بساعة إلى مجلسه العام ، فيجلس ويُحيّي الحاضرين ، ويُؤدّي التعارفات ، ثمّ يرقى المنبرَ فيقرأ ما رآه في الكتب بذلك اليوم ، مع ذلك يحتاط في النقل بما لم يكن صريحاً في الأخبار الجزميّة.
وكان إذا قرأ المصيبةَ تنحدر دموعُه على شيبته ، وبعد انقضاء المجلس يشتغل بوظائف الجمعة من التقليم والحلق وقصّ الشارب والغسل والأدعية والآداب والنوافل غيرها ؛ وكان لا يكتبُ بعد عصر الجمعة ـ على عادته ـ بل يتشرّف إلى الحرم ويشتغل بالمأثور إلى الغروب ، كانت هذه عادتُه إلى أن انتقل إلى جوار ربّه.
وممّا سنَّه في تلك الأعوام : زيارةَ سيّد الشهداء مشياً على الأقدام ، فقد كان ذلك في عصر الشيخ الأنصاري مِن سنن الأخيار وأعظم الشعائر ؛ لكن تُرك في الأخير ، وصار من علائم الفقر وخصائص الأدنين (١) من الناس ، فكان العازمُ على ذلك يتخفّى عن الناس لما في ذلك من الذلّ والعار.
فلمّا رأى شيخُنا ضعفَ هذا الأمر اهتمّ له والتزمه ، فكان في خصوص زيارةِ عيد الأضحى يكتري بعضَ الدوابّ لحمل الأثقال والأمتعة ويمشي هو وصحبه.
لكنّه لضعفِ مزاجه لا يستطيعُ قطعَ المسافةِ من النجف إلى كربلاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) في الأصل : (الأدنون) ؛ والصحيح ما أثبتناه. (المصحّح).