بمبيتِ ليلة كما هو المرسومُ عند أهله ، بل يقضي في الطريق ثلاث ليال يبيت الأولى ، في (المصلّى) ، والثانية في (خان النصف) ، والثالثة في (خان النخيلة) ، فيصل كربلاء في الرابعة ، ويكون مشيُه كلّ يوم ربعَ الطريق نصفه صبحاً ونصفه عصراً ، ويستريحُ وسطَ الطريق لاداءِ الفريضة وتناول الغذاء في ظلال خيمة يحملها معه.
وفي السنة الثانية والثالثة زادت رغبةُ الناس والصلحاء بالأمر ، وذهب ما كان في ذلك من الإهانة والذلّ ، إلى أن صار عددُ الخِيَم في بعض السنين أزيد من ثلاثين ، لكلّ واحدة بين العشرين والثلاثين نفراً.
وفي السنة الأخيرة يعني زيارة عرفة (١٣١٩هـ) ـ وهي سنةُ الحجّ الأكبر التي اتفق فيها عيد النيروز والجمعة والأضحى في يوم واحد ولكثرةِ ازدحام الحجيج حصل في مكّةَ وباءٌ عظيمٌ هلك فيه خلقٌ كثيرٌ ـ تشرّفتُ بخدمةِ الشيخ إلى كربلاء ماشياً ، واتّفق أنّه عاد بعد تلك الزيارة إلى النجف ماشياً أيضاً ـ بعد أن اعتاد على الركوب في العودة ـ وذلك باستدعاءِ الميرزا محمّد مهدي ابن المولى محمّد صالح المازندراني الإصفهانىّ صهر الشيخ محمّد باقر ابن محمّد تقىّ محشّي المعالم ، وذلك لأنّه كان نذر أن يزورَ النجف ماشياً ، ولمّا اتّفقت له ملاقاة شيخنا في كربلاء طلب منه أن يصحبه في العودة ففعل.
وفي تلك السفرة بدأ به المرضُ الذي كانت فيه وفاتُه يوم خروجه من النجف وذلك على أثر أكل الطعام الذي حمله بعضُ أصحابه في إناء مغطّى الرأس حُبس فيه الزاد بحرارته فلم ير الهواء ، وكلّ من ذاق ذلك الطعام ابتلي