٣ ـ لا شكّ في كون شيخ النعماني كان شيعيّاً ، ورواياته روايات شيعية خالصة ، حيث يروي في جملة ما يروي الحديث الوارد بشأن (حضور الأئمّة الإثنا عشر عليهمالسلام حول العرش في بدء الخليقة)(١) ، أو (وصف الأئمّة وشيعتهم في عالم الذّر)(٢) ، ومن البعيد أن يروي المسعودي المؤرّخ وصاحب مروج الذهب مثل هذه الروايات.
إنّ هذا الدليل ـ الذي هو من أقوى الأدلّة ـ وإن كان يجعل احتمال رواية النعماني عن المسعودي المؤرّخ احتمالاً مستبعداً ، ولكنّه لا يكفي في نفيه نفياً قاطعاً ؛ لأنّ نقل رواية واحدة بالمضامين أعلاه لا ينهض دليلاً على الإيمان بمضمونها والاعتقاد بصحّتها ، خاصّة وأنّ المسعودي صاحب مروج الذهب قد نقل روايات وصنّف كتباً تنسجم كلّ الانسجام مع مضامين هذه الروايات ، وقد فصّلنا الكلام حول هذا الأمر في مقال : (إثبات الوصية وصاحب مروج الذهب).
ومن ناحية أخرى ، سوف نذكر في الفصل الثاني من هذا المقال أنّ روايات عليّ بن الحسين المسعودي في غيبة النعماني تنتهي بأجمعها إلى محمّد بن عليّ الكوفي ، ويبدو أنّها بأجمعها مأخوذة من كتابه ، وإنّ عليّ بن الحسين المسعودي يقع في الطريق إلى كتاب محمّد بن عليّ الكوفي.
ووقوعه في الطريق إلى بقية الكتب ـ فضلاً عن سلسلة الأسانيد ـ إنّما جاء من الإجازة بالرواية من طريق العامّة فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) غيبة النعماني ، ص ٩٠.
(٢) راجع : نهاية هذا القسم من المقال.