الانتقادات الّتي وجّهت إليه
يبقى الإنسان مهما وصل في العلم والعمل إنسانا ، لا يرقى إلى درجة الكمال ، وكما قال الإمام مالك رحمهالله : ما منا من أحد إلّا ردّ ، أو ردّ عليه إلّا صاحب هذا القبر ، وأشار إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
والذي أخذ على الواحديّ أنّه أطلق لسانه في العلماء السابقين ، فقد ذكر أبو سعد ابن السمعاني في كتاب «التذكرة» (١) : كان الواحديّ حقيقا بكلّ احترام وإعظام ، لكن كان فيه بسط اللسان في الأئمة المتقدّمين ، حتى سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن بشار بنيسابور مذاكرة يقول :
كان عليّ بن أحمد الواحديّ يقول : صنّف أبو عبد الرحمن السلمي كتاب «حقائق التفسير» ولو قال : إنّ ذلك تفسير للقرآن لكفر به. اه.
قلت : ولم أجد ـ فيما اطّلعت عليه من المصادر ـ بسط الكلام في المتقدّمين سوى أبي عبد الرحمن السلمي ، وليس من المتقدمين فقد توفي سنة ٤١٢ ه ، فهو قريب عصره من الواحديّ ، ولعلّ ابن السمعانيّ أراد السّلميّ فقط.
وأمّا كتابه «حقائق التفسير» فقد قال عنه الذهبي بعد أن وصفه بالجلالة (٢) :
ليته لم يصنّفه ؛ فإنّه تحريف وقرمطة ، فدونك الكتاب فسترى العجب.
وقال السبكيّ : لا ينبغي له أن يصف بالجلالة من يدّعي فيه التحريف والقرمطة ، وكتاب «حقائق التفسير» المشار إليه قد كثر الكلام فيه ، من قبل أنّه اقتصر فيه على ذكر تأويلات ومحالّ للصوفية ينبو عنها ظاهر اللفظ.
__________________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٥ / ٢٤١.
(٢) طبقات الشافعية الكبرى ٤ / ١٤٧.