سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (٢٩) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (٣١) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (٣٢)
____________________________________
سُرادِقُها) وهو دخان يحيط بالكفّار يوم القيامة. (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا) ممّا هم فيه من العذاب والعطش (يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ) كمذاب الحديد والرّصاص في الحرارة (يَشْوِي الْوُجُوهَ) حتى يسقط لحمها ، ثمّ ذمّه فقال : (بِئْسَ الشَّرابُ) هو (وَساءَتْ) النّار (مُرْتَفَقاً) منزلا ، ثمّ ذكر ما وعد المؤمنين فقال :
(٣٠) (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ...).
وقوله :
(٣١) (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) يحلّى كلّ مؤمن واحد بسوارين من ذهب ، وكانت الأساورة من زينة الملوك في الدّنيا ، وقوله : (وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) وهما نوعان من الحرير ، والسّندس : ما رقّ ، والاستبرق : ما غلظ (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) وهي السّرر في الحجال (نِعْمَ الثَّوابُ) طاب ثوابهم (وَحَسُنَتْ) الأرائك (مُرْتَفَقاً) موضع ارتفاق ، أي : اتّكاء على المرفق فيه.
(٣٢) (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ) يعني : ابني ملك كان في بني إسرائيل توفّي وتركهما ، فاتخذ أحدهما القصور والأجنّة ، والآخر كان زاهدا في الدّنيا ، راغبا في الآخرة ، فكان إذا عمل أخوه شيئا من زينة الدّنيا ، أخذ الزّاهد مثل ذلك ، فقدّمه لآخرته ، واتّخذ به عند الله الأجنة والقصور حتى نفد ماله ، فضربهما الله مثلا للمؤمن والكافر الذي أبطرته النّعمة ، وهو قوله : (جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ) وجعلنا النّخل مطبقا بهما (وَجَعَلْنا بَيْنَهُما) بين الجنتين (زَرْعاً).