الملك : لا تفعل واتّبعني ، فاتّبعه نحو مدين (١) .
وقيل : إنّه ذهب نحو مدين حتى وصل إلى ثلاث طرق ، فاختار الطريق الوسط ، وهو المراد من سواء السبيل ، فانه وسطه ومعظمه ، ثمّ جاء طالبوه فذهبوا إلى الطريقين الآخرين ، فلم يجدوه (٢) .
وقيل : كان حافيا ، ولم يكن له طعام إلّا الورق (٣) .
قيل : إنّه مشى ثمانية أيام ، وجرحت قدماه من المشي ، ولم يأكل في الثمانية إلّا من حشيش الأرض وورق الأشجار (٤) .
﴿وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ
امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا
شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ
خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ
لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ
نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٣) و (٢٥)﴾
﴿وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ﴾ ووصل إلى البئر التي كانت على ثلاثة أميال منها وأهلها يسقون منها ﴿وَجَدَ﴾ موسى ﴿عَلَيْهِ أُمَّةً﴾ وجماعة ﴿مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ﴾ منه مواشيهم ﴿وَوَجَدَ﴾ أيضا ﴿مِنْ دُونِهِمُ﴾ وفي مكان أسفل منهم ﴿امْرَأَتَيْنِ﴾ إحداهما صفورا ، والاخرى ليا ، بنتا يثرون ، ويثرون هو شعيب على ما قيل (٥) ، وهما ﴿تَذُودانِ﴾ وتمنعان أغنامهما من التقدّم إلى البئر ، أو من التفرّق ، أو من الاختلاط بأغنام الغير ، أو تمنعان أنفسهما من الاختلاط بالرجال ، أو وجوههما من نظر الأجانب ﴿قالَ﴾ موسى لهما : ﴿ما خَطْبُكُما﴾ وما شأنكما فيما أنتما عليه من التأخّر ، وما لكما لا تسقيان أغنامكما ؟ ﴿قالَتا﴾ دأبنا أن ﴿لا نَسْقِي﴾ أغنامنا ﴿حَتَّى يُصْدِرَ﴾ ويصرف ﴿الرِّعاءُ﴾ وحفّاظ المواشي مواشيهم بعد ريّها تعفّفا وحذرا من مخالطة الرجال ، فاذا انصرفوا سقينا أغنامنا من فضل مواشيهم ﴿وَأَبُونا﴾ شعيب لا يستطيع أن يباشر سقيها ؛ لأنّه ﴿شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ في السنّ ، أو في القدر والشرف ، لذا يرسلنا معها للسقي اضطرارا.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٣٨.
(٢) تفسير البيضاوي ٢ : ١٩٠ ، تفسير أبي السعود ٧ : ٨ ، تفسير روح البيان ٦ : ٣٩٣.
(٣) تفسير أبي السعود ٧ : ٨.
(٤) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٣٨.
(٥) تفسير روح البيان ٦ : ٣٩٥.