أمانته ؟ فقالت : إنّه لمّا قال لي تأخرّي عنّي ودلّيني على الطريق فأنا من قوم لا ننظر في أدبار النساء ، عرفت أنّه ليس من الذين ينظرون في أعجاز النساء ، فهذه أمانته » (١) .
وعن الكاظم عليهالسلام. قال « قال لها شعيب : يا بنية هذا قوّي قد عرفته برفع الصخرة ، من أين عرفته أنّه أمين ؟ قالت : يا أبت إنّي مشيت قدّامه فقال : امشي خلفي ، فان ضللت فارشديني إلى الطريق ، فإنّا قوم لا ننظر في أدبار النساء » (٢) إذن ﴿قالَ﴾ شعيب : يا موسى ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ﴾ وأزوّجك ﴿إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ﴾ اللتين عندك ﴿عَلى﴾ شرط ، وهو ﴿أَنْ تَأْجُرَنِي﴾ وتعمل لي بالأجر ﴿ثَمانِيَ حِجَجٍ﴾ وسنين ﴿فَإِنْ أَتْمَمْتَ﴾ السنين ﴿عَشْراً﴾ في الخدمة والعمل ﴿فَمِنْ عِنْدِكَ﴾ إتمامها وبتفضّلك إكمالها ، لا الزام من عندي عليك ﴿وَما أُرِيدُ﴾ من استئجارك ﴿أَنْ أَشُقَ﴾ وأصعّب الأمر ﴿عَلَيْكَ﴾ وتحميلك ما تتعب فيه ، بل اريد أن اساهلك واسامحك.
قيل : رأى شعيب بنور النبوة أنّ موسى يبلغ إلى درجة النبوة في ثماني سنين ، وفي الأزيد إلى العشر كمال الكمال (٣) .
﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ
قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ * فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ
وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي
آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٧) و (٢٩)﴾
ثمّ رغّبه في القبول بقوله : ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ والطالبين لخيرك ، والمحسنين إليك في هذه المعاملة بلين الجانب ، والوفاء بالعهد ، والمداراة في القول والعمل ، وغير ذلك ممّا يوجب راحتك وتيسير العمل عليك ﴿قالَ﴾ موسى : ﴿ذلِكَ﴾ العهد الذي عاهدتني عليه ثابت ﴿بَيْنِي وَبَيْنَكَ﴾ جميعا لا اخالفه ولا تخالفه ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ﴾ الذين ذكرت من القصير والطويل ﴿قَضَيْتُ﴾ وفيت بأداء الخدمة فيه ﴿فَلا عُدْوانَ﴾ وتجاوز ﴿عَلَيَ﴾ من قبلك بمطالبة الزيادة ، أو لا إثم عليّ في قضاء الأقصر ، ولا إلزام عليّ بالعمل بالأكثر ﴿وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ﴾ من الشرط المقرر فينا ﴿وَكِيلٌ﴾ وشاهد وحفيظ.
قيل : فجمع شعيب مؤمني مدين وزوّجه ابنته صفورا ، ودخل موسى بيت شعيب ، وأقام برعي
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٣٨ ، تفسير الصافي ٤ : ٨٧.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٤ : ١٢ / ٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٨٧.
(٣) تفسير روح البيان ٦ : ٣٩٨.