عنهم بالشفاعة والعناية ، كما ينصر الأئمّة الدّعاة إلى الجنة.
عن الصادق عليهالسلام : « أنّ الأئمّة في كتاب الله إمامان ، قال الله تعالى : ﴿وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا﴾(١) ، لا بأمر الناس : يقدّمون أمر الله قبل أمرهم ، وحكم الله قبل حكمهم. قال : ﴿وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ يقدمون أمرهم قبل أمر الله ، وحكمهم قبل حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله » (٢) .
﴿وَأَتْبَعْناهُمْ ،﴾ وألحقناهم ﴿فِي هذِهِ الدُّنْيا﴾ إلى يوم القيامة ﴿لَعْنَةً﴾ من ساحة الرحمة وبعدا من كلّ خير ، أو الدعاء باللعن والطرد من الناس والملائكة ﴿وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ﴾ بالخصوص ﴿مِنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ والمبعدين من الجنة والنّعم الدائمة.
وعن ابن عباس : من المشوّهين (٣) لسواد الوجه وزرقة العين (٤) .
قيل : إنّ الله يقبّح صورهم ويقبّح عملهم ، ويجمع لهم بين الفضيحتين (٥) ، فصارت قبّاحة عقائدهم وأعمالهم مودّية إلى هذه القباحة التي لا قباحة فوقها.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ
وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى
مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٣) و (٤٤)﴾
ثمّ بيّن سبحانه كمال تفضّله على موسى مضافا إلى ما سبق بقوله : ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ﴾ المعهود ﴿مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى﴾ والامم الماضية بالعذاب ، كقوم نوح وعاد وثمود وأضرابهم ، حال كونه أو ليكون ﴿بَصائِرَ لِلنَّاسِ﴾ وأنوارا يبصر بها الدين وطريق الخير ﴿وَهُدىً﴾ ورشادا إلى الحقّ والشرائع ﴿وَرَحْمَةً﴾ ونعمة على من تمسّك به ، والتزم بالعمل بما فيه بتكميل النفوس وإعدادهم للفيوضات ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ ويتّعظون بما فيه.
ثمّ نبّه سبحانه على أنّ الإخبار بمناجاة موسى وسائر قضاياه إنّما هو بالوحي بقوله : ﴿وَما كُنْتَ﴾ حاضرا ﴿بِجانِبِ الْغَرْبِيِ﴾ من جبل طور الذي كان فيه مناجاة موسى ربّه ﴿إِذْ قَضَيْنا﴾ وعهدنا ﴿إِلى مُوسَى الْأَمْرَ﴾ العظيم الشأن ، وهو الرسالة ﴿وَ﴾ في فرضه ﴿ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ للوحي والمناجاة حتى تخبر الناس بها عن حضور ومشاهدة ، وما كنت تاليا للكتب ، ومتعلّما من العلماء ،
__________________
(١) الأنبياء : ٢١ / ٧٣.
(٢) الكافي ١ : ١٦٨ / ٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٩١.
(٣) في تفسير الرازي : المشئومين.
(٤و٥) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٥٥.