سبعين رجلا لميقات ربّه (١) .
وعن وهب ، قال : لمّا ذكر الله لموسى فضل امّة محمّد قال : ربّ أرينهم. قال : إنّك لن تدركهم ، وإن شئت أسمعتك أصواتهم ؟ قال : بلى يا رب. فقال سبحانه : يا امّة محمّد ، فأجابوه من أصلاب آبائهم ، فأسمعه الله أصواتهم ، ثمّ قال : أجبتكم قبل أن تدعوني ... إلى آخر ما قال ابن عباس (٢) .
وفي ( العيون ) عن النبي صلىاللهعليهوآله : « لمّا بعث الله عزوجل موسى بن عمران ، واصطفاه نجيا ، وفلق له البحر ، ونجّى بني إسرائيل ، وأعطاه التوراة والألواح ، رأى مكانه من ربّه عزوجل ، فقال : ربّ لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا من قبلي. فقال الله جل جلاله : يا موسى ، أما علمت أنّ محمّدا أكرم عندي من جميع خلقي ؟
فقال موسى : يا ربّ ، إن كان محمّد أكرم عندك من جميع خلقك ، فهل آل نبي أكرم عندك من آلي ؟ فقال الله : يا موسى ، أما علمت أنّ فضل آل محمد آل النبيين كفضل محمّد على جميع المرسلين؟
فقال موسى : يا رب ، فان كان آل محمد كذلك ، فهل في امم الأنبياء أفضل عندك من امّتي ؛ ظلّلت عليهم الغمام ، وأنزلت عليهم المنّ والسّلوى ، وفلقت لهم البحر ؟ فقال الله جلّ جلاله : يا موسى ، أما علمت أنّ فضل امّة محمّد على جميع الامم ، كفضله على جميع خلقي.
قال موسى : يا ربّ ، ليتني كنت أراهم. فأوحى الله عزوجل إليه : يا موسى ، لن تراهم ، وليس هذا أوان ظهورهم ، ولكن تراهم في الجنان والفردوس بحضرة محمد في نعيمها يتقلّبون ، وفي خيراتها يتبحبحون ، أفتحبّ أن اسمعك كلامهم ؟ قال : نعم إلهي. قال جلّ جلاله قم بين يدي ، واشدد مئزرك ، قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل. ففعل ذلك فنادى ربّنا عزوجل : يا امّة محمّد ، فأجابوه كلّهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام امهاتهم : لبيك اللهمّ لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إنّ الحمد والنّعمة والملك لك ، لا شريك لك. قال : فجعل الله عزوجل تلك الإجابة شعار الحاجّ.
ثمّ نادى ربّنا عزوجل : يا امّة محمّد ، إنّ قضائي عليكم إنّ رحمتي سبقت غضبي ، وعفوي قبل عقابي ، فقد استجبت لكم قبل أن تدعوني ، وأعطيتكم قبل أن تسألوني ، من يلقيني بشهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمدا عبده ورسوله ، صادق في أقواله ، محقّ في أفعاله ، وأنّ علي بن أبي طالب أخوه ووصيه من بعده ووليه ، يلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد ، وأن أولاده المصطفين الطاهرين المطهّرين المعانين بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أولياءه ، ادخله جنتّي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٥٧.
(٢) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٥٧.