المكتوبة في الكتب ، آمنوا به ، فعليكم أيّها المشركون الاميّون أن تقتدوا بهم ، بل أنتم أولى بالايمان به.
وقيل : نزلت في أربعين رجلا من أهل الانجيل ، وهم أصحاب السفينة ، جاءوا مع جعفر من الحبشة (١) .
وعن رفاعة بن قرظة : نزلت في عشرة أنا منهم (٢) .
ثمّ بيّن الله سبب إيمانهم بالقرآن بقوله : ﴿وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ﴾ القرآن واطّلعوا على فضائله وعلائمه المذكورة في الكتب ﴿قالُوا آمَنَّا بِهِ﴾ ثمّ أكّدوا إيمانهم به بقولهم : ﴿إِنَّهُ الْحَقُ﴾ النازل ﴿مِنْ﴾ قبل ﴿رَبِّنا﴾ ثمّ بيّنوا أن إيمانهم به ليس حادثا باستماع تلاوته ، بل كان متقادما قبل نزوله بقولهم : ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ له ، ومنقادين لما فيه ، لما وجدنا البشارة بنزوله في كتب الأنبياء السابقين.
﴿أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا
رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ * وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ
أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٤) و (٥٥)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد مدحهم بالايمان القديم والحادث بشّرهم بالأجر بقوله : ﴿أُولئِكَ﴾ المؤمنون من أهل الكتاب ﴿يُؤْتَوْنَ﴾ ويعطون ﴿أَجْرَهُمْ﴾ وثواب إيمانهم بمحمد وكتابه ﴿مَرَّتَيْنِ﴾ مرّة بإيمانهم بمحمد قبل بعثته وبالقرآن قبل نزوله ، ومرة بايمانهم بعد بعثته ونزوله.
وقيل : مرّة بايمانهم بالانبياء قبل محمّد ، ومرة بايمانهم به (٣) .
وفي الحديث : « ثلاثة يؤتون أجرهم مرّتين - إلى أن قال - ورجل آمن بالكتاب الأوّل ، ثمّ آمن بالقرآن » (٤) .
وقيل : إنّهم لمّا آمنوا بمحمد شتمهم المشركون فصفحوا عنهم ، فلهم أجران : أجر على إيمانهم ، وأجر ﴿بِما صَبَرُوا﴾ وصفحوا (٥) ، أو ثبتوا على الايمان والعمل بشريعة الاسلام.
عن الصادق عليهالسلام قال : « بما صبروا على التقيّة » (٦) .
ثمّ وصفهم الله بالالتزام بلوازم الايمان من العبادات البدنية بقوله ﴿وَيَدْرَؤُنَ﴾ ويدفعون ﴿بِالْحَسَنَةِ﴾ والطاعة البدنية ، أو التوبة ﴿السَّيِّئَةَ﴾ والمعصية السابقة ، أو بالعفو والصّفح الأذى.
وعن الصادق عليهالسلام : « الحسنة التقيّة ، والسيئة الإذاعة » (٧) .
__________________
(١و٢) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٦٢.
(٣) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٦٢.
(٤) تفسير روح البيان ٦ : ٤١٤.
(٥) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٦٢.
(٦) الكافي ٢ : ١٧٢ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٩٥.
(٧) الكافي ٢ : ١٧٢ / ١ و١٧٣ / ٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٩٥.