أنوار الخلق إلّا خمسة أنوار : نور محمّد ، ونوري ، ونور فاطمة ، ونور الحسن والحسين ومن ولده من الأئمّة ، لأنّ نوره من نورنا الذي خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام » (١) إلى غير ذلك من الروايات.
وأمّا الآية فلا دلالة لها على كفره ، كما اعترف به الفخر (٢) ، بل دالة على إيمانه ، لدلالة أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهكان يحبّه ، وهو عليهالسلام ما كان يحبّ كافرا لحرمة حبّه عليه بقوله : ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ﴾(٣) ويدلّ عليه قوله : « أوثق عرى الايمان ؛ الحبّ في الله ، والبغض في الله » (٤) وأظهر مصاديقه بغض المشركين الذين هم أبغض الخلق عند الله ، فكيف يجتمع ذلك مع حبّ أبي طالب لو كان مشركا ؟
وكذا ما روي عن السجّاد عليهالسلام : « أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : الحمد لله الذي لم يجعل للفاجر عليّ يدا ، لكيلا يرونه تحصل في قلبي منه مودّة ، فانّ مودّة الفجّار تجرّ إلى النّار».
﴿وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَ وَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً
يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٧)﴾
ثمّ لمّا بيّن سبحانه أنّ الهداية الحقيقية إنّما هي بتوفيقه ، بيّن أنّ من لم يشمله التوفيق يعتذر عن عدم قبوله الدعوة بما ليس بعذر بقوله : ﴿وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى﴾ ونتّبع دين الاسلام ﴿مَعَكَ﴾ ونقتدي بك في القول بالتوحيد ﴿نُتَخَطَّفْ﴾ ونخرج بسرعة ﴿مِنْ أَرْضِنا﴾ ووطننا ، روي أنّها نزلت في الحرث ، أو الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف حيث أتى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : نحن نعلم أنّك على الحقّ ، وما كذبت كذبة قطّ فنتّهمك اليوم ، ولكنّا نخاف إن اتّبعناك وخالفنا العرب أن يتخطّفونا من مكّة والحرم ، لا جماعهم على خلافنا ، وهم كثيرون ونحن أكلة رأس (٥) لا نستطيع مقاومتهم ، فنزلت(٦).
والقمي : نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الاسلام والهجرة (٧) .
وعن السجاد عليهالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال « والذي نفسي بيده لأدعون إلى هذا الأمر الأبيض والأسود ، ومن على رؤس الجبال ، ومن في لجج البحار ، ولأدعون إليه فارس والروم. فتجبّرت قريش واستكبرت ، وقالت لأبي طالب : أما تسمع لابن أخيك ما يقول : والله لو سمعت بهذا فارس والروم لا ختطفتنا من أرضنا ، ولقلعت الكعبة حجرا حجرا ، فأنزل الله هذه الآية »(٨).
__________________
(١) بشارة المصطفى : ٢٠٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٩٧.
(٢) تفسير الرازي ٢٥ : ٢.
(٣) الممتحنة : ٦٠ / ١.
(٤) المحاسن : ١٦٥ / ١٢١.
(٥) أي يكفيهم رأس واحد لقلّتهم.
(٦) تفسير روح البيان ٦ : ٤١٧.
(٧) تفسير القمي ٢ : ١٤٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٩٧.
(٨) روضة الواعظين : ٥٤ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ٥٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٩٧.