﴿خَيْرٌ﴾ ممّا تتمنّون ﴿لِمَنْ آمَنَ﴾ بالله ورسله واليوم الآخر ﴿وَعَمِلَ صالِحاً﴾ والكرامة عنده أعظم من الكرامة عند الناس ، وهذه الكلمة التي قالها العلماء بالله ، أو هذه المثوبة التي وعدها الأنبياء لا يستقبلها ﴿وَلا يُلَقَّاها﴾ أو لا ينالها ﴿إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ على الطاعات وترك المحرّمات وشدائد الدنيا ومصائبها.
﴿فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ
مِنَ المُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ
يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا
وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨١) و (٨٢)﴾
ثمّ إنّ قارون أشر وبطر وعتا ﴿فَخَسَفْنا﴾ أو غيّبنا ، أو ذهبنا ﴿بِهِ وَبِدارِهِ﴾ وكنوزه ﴿الْأَرْضَ﴾.
عن ابن عباس : أنّ قارون كان يؤذي موسى كلّ وقت وهو يداريه للقرابة التي كانت بينهما ، حتى نزلت الزكاة فصالحه عن كلّ ألف دينار على دينار ، وعن كلّ ألف درهم على درهم ، فحسبه فاستكثره ، فشحّت نفسه ، فجمع بني إسرائيل وقال : إنّ موسى يريد أن يأخذ أموالكم. فقالوا : أنت سيدنا وكبيرنا ، فمرنا بما شئت. قال : نبرطل فلانة البغية حتى تنسبه إلى نفسها فيرفضه بنو إسرائيل ، فجعل لها طشتا من ذهب مملؤا ذهبا ، فلمّا كان يوم عيد قام موسى فقال : يا بني إسرائيل ، من سرق قطعناه ، ومن زنى وهو غير محصن جلدناه ، وإن أحصن رجمناه.
فقال قارون : وإن كنت أنت ؟ قال : وإن كنت أنا ، قال : فإنّ بني إسرائيل يقولون : إنّك فجرت بفلانة ! فاحضرت فناشدها موسى بالله الذي فلق البحر وأنزل التوراة أن تصدق ، فتداركها الله تعالى. فقالت : كذبوا ، بل جعل لي قارون جعلا على أن اقذفك بنفسي ، فخرّ موسى ساجدا يبكي. وقال : يا ربّ ، إن كنت رسولك فاغضب لي ، فأوحى الله إليه أن مر الأرض بما شئت. فانّها مطيعة لك. فقال : يا نبي إسرائيل ، إنّ الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون ، فمن كان معه فليلزم مكانه ، ومن كان معي فليعتزل ، فاعتزلوا جميعا غير رجلين. ثمّ قال : يا أرض خذيهم ، فأخذتهم إلى الرّكب ، ثمّ قال : خذيهم ، فأخذتهم إلى الأوساط ، ثمّ قال : خذيهم ، فأخذتهم إلى الأعناق ، وقارون وأصحابه يتضّرعون إلى موسى ، ويناشدونه بالله والرّحم ، وموسى لا يلتفت إليهم من شدّة الغضب. ثمّ قال : خذيهم ، فانطبقت عليهم الأرض ، فأوحى الله إلى موسى : ما أفظّك ! استغاثوا بك مرارا فلم ترحمهم ، أما وعزّتي لو دعوني مرّة واحدة لوجدوني قريبا مجيبا. فاصبحت بنو إسرائيل يتناجون بينهم. إنّما دعا موسى على