ذلك ـ في تأليف التفسير ـ مسلكا جميلا مقتصدا محمد بن بحر أبو مسلم الأصفهاني وعلي بن عيسى الرماني ، فإن كتابيهما أصلح ما صنف في هذا المعنى غير أنهما أطالا الخطب فيه وأوردا كثيرا مما لا يحتاج إليه ) وكلاهما ينسبان إلى الاعتزال ويحتمل أن تعرفهما بالاعتزال كان تسترا منهما عن المذهب وقد أشار أبو مسلم بتقدم أمير المؤمنين على من تقدم عليه وشهد بأكملية إيمان أمير المؤمنين عليهالسلام عن غيره من الصحابة وإخلاصه في الطاعة وتنمره في ذات الله دون سائر الصحابة بما ذكره ، إما في تفسيره هذا أو في كتابه الناسخ والمنسوخ المذكور في معجم الأدباء على ما حكاه العلامة الحلي في مبحث النسخ من تهذيب الأصول قال إنه أنكر أبو مسلم هذا وقوع النسخ في القرآن واعتذر عما يتراءى منه النسخ فقال في آية الصدقة قبل النجوى ( إن الغرض من الأمر بالصدقة قبل النجوى التمييز بين المؤمنين والمنافقين فلما حصل الغرض زال التعبد ) ومراده أن الاختبار والامتحان والتمييز من الله تعالى ليس الا لمعرفة العباد ما هو مجهول عندهم والا فهو تعالى عالم بجميع السرائر والضمائر غير محتاج إلى الامتحان والاختبار ولما قام أمير المؤمنين عليهالسلام بهذه الوظيفة وشاع خبره بين الأصحاب وظهر أنه لم يقم بها سائر الناس حصل التمييز بينه وبين غيره من الصحابة ولم يبق موضوع للتعبد بهذا الحكم لا أنه منسوخ.
( ١٧٩ : جامع التفسير ) الذي استمد منه كثيرا القاضي البيضاوي المتوفى (٦٨٥) في تفسيره الموسوم بـ « أنوار التنزيل » للإمام أبي القاسم الحسين بن محمد بن فضل بن محمد الشهير بالراغب الأصفهاني ، ذكر في الرياض أولا وقوع الخلاف في تشيعه ثم قال لكن الشيخ حسن بن علي الطبرسي صاحب كامل البهائي صرح في آخر كتابه أسرار الإمامة أنه كان من حكماء الشيعة الإمامية ، وقال الفخر الرازي المتوفى (٦٠٦) إنه كان من أئمة السنة وقرنه مع الغزالي المتوفى (٥٠٥) كما نقل عنه السيوطي في البغية ، لكن ترجمه السيوطي بعنوان مفضل بن محمد الأصفهاني وقال إنه كان في أوائل الماية الخامسة مع أن اسمه الحسين وقد أدرك أوائل المائة السادسة فإنه توفي (٥٠٢) وله كتابه الذريعة الذي كان يستصحبه الغزالي المتوفى (٥٠٥) دائما كما ذكره في كشف الظنون وما ذكرناه من تاريخ وفاته في أخلاق راغب