وفي الواقع أنّ الشيخ الطوسي بتقليصه عدداً كبيراً من الروايات الشيعية في تفسيره واستفادته من تفسير الطبري ، حيث نقل منه عدداً كبيراً جدّاً من الروايات يكون بذلك قد ساق التفسير الشيعي إلى مرحلة جديدة. وزيادة على هذا فإنّه قد نقل عن تفاسير غير شيعية أخرى وفي مقدّمتها تفاسير المعتزلة مثل الرمّاني وأبي مسلم الإصفهاني وأبي علي الجبّائي التي نقل عنها الكثير أيضاً ، كما أبدى اهتماماً كبيراً أيضاً بالتفاسير النحوية واللغوية والبلاغية التي كانت قبله ، وكلّ هذه الأمور لم تسبقه إليها التفاسير الشيعية المتقدّمة عليه.
إلاّ أنّ الشيخ الطوسي وبالرغم من استفادته الكبيرة من تفاسير أهل السنّة وخاصّة تفسر الطبري فإنّه كان دائماً يسعى في تفسير التبيان أن يجعل نفسه في منأى عن آراء مفسّري أهل السنّة والمعتزلة مؤكّداً على استقلاليّته المطلقة في فهم القرآن من وجهة النظر الشيعية وذلك بتعابير مثل : «عندنا»(١) ، «عند أصحابنا»(٢) ، «على مذهبنا»(٣) ، وإنّ هذه الاصطلاحات تأتي عادةً في موضع يقصد فيه الشيخ الطوسي بيان وجهة نظر الإمامية في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) التبيان ١ / ١٥٩ ، ٢١٣ ، ٢٥٥ ، ٣٢٥ ، ٤٦٦ ؛ ٢ / ٤٤ ، ٥٠ ، ١٠٣ ، ١٠٨ ، ١١٢ ، ...
(٢) التبيان ، ٢ / ١٦٣ ؛ ٤ / ٣٥٦ ؛ ٥ / ١٢٣ ، ٢٤٤ ؛ ٦ / ٤٤٦ ؛ ٧ / ٣١٤ ، ٤١٢.
(٣) التبيان ، ١ / ٢ ، ٤٦٥ ، ٤٨٢ ؛ ٢ / ٤٩ ، ٧٤ ، ١٢٥ ، ٢١٠ ، ٢٥٢ ؛ ٣ / ٣٧٤ ، ٤٥١ ؛ ٤ / ٥١ ؛ ...