والمناهج التفسيرية المعروفة التي سرت إلى زمانه مع اعتماده على تركيب من مصادر الشيعة والسنّة والمعتزلة(١). هذا وإنّ تفسير الطبري الذي ألّف قبل مئة وخمسين عاماً من الشيخ الطوسي في بغداد هو واحد من أهمّ المصادر التي اعتمدها الشيخ الطوسي في نقل الروايات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جديرة بالاهتمام ، علماً بأنّه قام بإعادة كتابة تفسير التبيان للشيخ الطوسي من جديد ورتّبه مع إضافات إليه ، ففي مقدّمة تفسيره (مجمع البيان) ذكر قائلا : «إلاّ أنّ أصحابنا رضیاللهعنهم لم يدوّنوا في ذلك غير مختصرات نقلوا فيها ما وصل إليهم في ذلك من الأخبار ، ولم يعنوا ببسط المعاني وكشف الأسرار إلاّ ما جمعه الشيخ الأجلّ السعيد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي». (مجمع البيان ١ / ٢٩).
(١) هناك أمر ملفت للنظر وهو أنّ الشيخ الطوسي حتماً كان على علم بتفسير الماتريدي وذلك لأنّ كتاب الماتريدي (تأويلات أهل السنّة) كان له ثقله العملي في خراسان ومرو آنذاك وهي مهد الدراسات الأولى للشيخ الطوسي في طلب العلم ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّ الانتقادات الهائلة التي وجّهها الماتريدي في كتابه على الأقوال الكلامية والتفسيرية للمعتزلة كان بحدّ ذاته سبباً في اعتماد الشيخ الطوسي عليه واتّخاذه مصدراً من مصادره ؛ لأنّ الشيخ الطوسي قد استفاد من أغلب التفاسير المهمّة الموجودة آنذاك من المعتزلة ومخالفيهم ، ومع كلّ ذلك فإنّنا لم نعثر في كتاب (التبيان) بأسره على أثر أو علامة من منقولات تفسير الماتريدي ، والدليل على عدم نقل الشيخ الطوسي من تفسير الماتريدي يمكن أن نعزيه إلى أمرين : الأوّل أنّ الشيخ الطوسي في نقله واهتمامه بتفاسير أهل السنّة كان متأثّراً بطريقة الوزير المغربي والرّماني في تفسيريهما ، وإنّ المغربي والرّماني لم يكن لهما أيّ اهتمام بتفسير الماتريدي. والثاني إنّ بغداد كانت المكان الذي ألّف فيه الشيخ الطوسي تفسيره (التبيان في تفسير القرآن) وإنّ الأجواء العلمية في بغداد آنذاك في مستهلّ النصف الأوّل من القرن الخامس كانت غير مساعدة ـ إلى حدّ ما ـ لاستيعاب النظريّات التفسيرية للماتريدي.