د) الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠هـ) :
وتزامناً مع تأليف الشيخ الطوسي التبيان في تفسير القرآن في أواسط القرن الخامس الهجري فقد ورد تدوين التفسير الشيعي مرحلته الجديدة ، إذ أنّ الشيخ الطوسي الذي هاجر من مدينة طوس في خراسان إلى بغداد كان قد أتقن العلوم الأدبية والحديثية والكلام والفقه الشيعي والسنّي وتبحّر بها. وبعد تلمّذه في مدرسة الشيخ المفيد والسيّد المرتضى ومع تأليفه العديد من المؤلّفات في مختلف مجالات العلوم الإسلامية فإنّ الكثير من التبادلات الشيعية السنّية في مجال الحديث والفقه وأصوله قد بلغت على يديه مراحلها النهائية ، فهو مؤلّف كتاب الخلاف في الفقه المقارن الشيعي مع المذاهب السنّية الأربعة ، وكتاب عدّة الأصول في أصول الفقه ، وهو الكتاب الذي تناول فيه لأوّل مرّة بعض المباني الأصولية لأهل السنّة مثل حجّية خبر الواحد والإجماع بعد أن أجرى عليها تعديلات تتطابق مع وجهة نظر الشيعة وصيّرها نظرية علميّة في علم الأصول ، وبناءً على ذلك فإنّه عندما صمّم أن يدوّن تفسيراً شيعياً جامعاً على القرآن الكريم فإنّ نتيجة عمله لابدّ وأن تكون مختلفة عن مفسّري الشيعة في القرون المتقدّمة ، ولابدّ أن يكون تفسيره أوّل تفسير شيعي كامل على القرآن الكريم جاء على غير الطريقة المأثورة في التدوين(١). لقد استفاد الشيخ الطوسي في تفسيره هذا من جميع الآليّات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) إنّ شهادة الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) في أواسط القرن السادس الهجري