ولا أقصيك وأن أعلّمك»(١).
إنّ اهتمام الشيخ الطوسي واعتماده على تفسير الطبري بشكل كبير جاء متزامناً مع التقليل من عدد الروايات المنقولة من أئمّة الشيعة في تفسيره قياساً مع سائر التفاسير الروائية الشيعية التي كانت قبله ؛ وحتّى الشيء اليسير من الروايات المنقولة عن الأئمّة عليهمالسلام لم يكن مستنداً فيه إلى كتب التفسير والحديث الشيعي بل جاء هذا النقل من تفسير الطبري ، ومن الطبيعي أنّه لا يمكن الجزم بكون نقل الشيخ الطوسي لروايات الأئمّة عليهمالسلام أنّه قد اعتمد الطبري دون المصادر الشيعية وذلك لحذفه سلسلة جميع أسانيد هذه الروايات تقريباً ، وإنّ البحث ـ على سبيل المثال ـ في رواية واحدة من هذه الروايات كأنموذج وتحليله يبيّن مدى التعقيد وصعوبة التحقيق في هذا الموضوع :
ففي عقب آية (وَالْمُسْتَغْفِرِيْنَ بِالأَسْحَارِ)(٢) ذكر الشيخ الطوسي قائلا : «وروي عن أبي عبد الله أنّ من استغفر الله سبعين مرّة في وقت السحر فهو من أهل هذه الآية»(٣) ، فإنّ هذه الرواية المنقولة هنا على هذا النحو لم تنقل عن الإمام الصادق في المصادر الشيعية قط وإنّما جاءت قبل هذا في الطبري بسلسلة سند غير شيعيّة : «حدّثني المثنّى قال : حدّثنا إسحاق قال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) التبيان ١٠ / ٩٨.
(٢) سورة آل عمران : ١٧.
(٣) التبيان ٢ / ٤١٦.