الصورة نوع من العلم ، وقد عرفت ان الأشاعرة قد اعترفت بان الكلام النفسيّ صفة أخرى ، في مقابل صفة العلم.
(الثالث) لا ريب في ان الله تعالى متكلم ، وقد دلت على ذلك عدة من الآيات ، ولازم ذلك قيام المبدأ على ذاته قياماً وصفياً ، لا قيام الفعل بالفاعل ، وإلا لم يصح إطلاق المتكلم عليه ، ومن هنا لا يصح إطلاق النائم والقائم ، والمتحرك ، والساكن ، والذائق ، وما شاكل ذلك عليه تعالى مع ان مبادئ هذه الأوصاف قائمة بذاته قيام الفعل بالفاعل.
وان شئت قلت : إن هذه الهيئات وما شاكلها لا تصدق على من قام عليه المبدأ قيام الفعل بالفاعل ، وإنما تصدق على من قام عليه المبدأ قيام الصفة بالموصوف. هذا من جهة. ومن جهة أخرى أن الّذي دعا الأشاعرة إلى الالتزام بالكلام النفسيّ هو تصحيح متكلميته تعالى في مقابل بقية صفاته ، فان الكلام اللفظي حيث انه حادث لا يعقل قيامه بذاته تعالى قيام الصفة بالموصوف. لاستحالة كون ذاته تعالى محلاً للحوادث.
فالنتيجة على ضوئهما هي أن كلامه تعالى نفسي ، لا لفظي.
ولنأخذ بالمناقشة في هذا الدليل نقضاً وحلاً.
اما الأول : فلا ريب في أن الله تعالى متكلم بكلام لفظي وقد دلت على ذلك عدة من الآيات والروايات منها قوله تعالى : (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) فان قوله كن فيكون كلامه تعالى. ومن هنا لا نظن أن الأشاعرة ينكرون ذلك ، بل قد تقدم أنهم معترفون به.
وعليه فما هو المبرر لهم في إطلاق المتكلم بالكلام اللفظي عليه تعالى هو المبرر لنا.
واما الثاني : فلان المتكلم ليس مشتقاً اصطلاحياً. لفرض عدم المبدأ له ، بل هو نظير هيئة اللابن ، والتامر ، والمتقمص ، والمتنعل ، والبقال