(٢) نظرية الفلاسفة
إرادته تعالى ذاتية ، ونقدها
المعروف والمشهور بين الفلاسفة قديماً وحديثاً هو أن إرادته تعالى من الصفات العليا الذاتيّة كصفة العلم ، والقدرة. والحياة. ومال إلى ذلك جماعة من الأصوليين منهم المحقق صاحب الكفاية وشيخنا المحقق ـ قدهما ـ قال في الكفاية : ان إرادته التكوينية هو العلم بالنظام الكامل التام. ولكن أورد عليه شيخنا المحقق (قده) بان هذا التفسير غير صحيح. وقد أفاد في وجه ذلك بما إليك نصه :
«لا ريب في ان مفاهيم صفاته تعالى الذاتيّة متخالفة ، لا متوافقة مترادفة ، وان كان مطابقها في الخارج واحداً بالذات ، ومن جميع الجهات مثلا مفهوم العلم غير مفهوم الذات. ومفهوم بقية الصفات ، وان كان مطابق الجميع ذاته بذاته ، لا شيء آخر منضماً إلى ذاته ، فانه تعالى صرف الوجود ، وصرف القدرة ، وصرف العلم ، وصرف الحياة ، وصرف الإرادة ولذا قالوا وجود كله ، وقدرة كله ، وعلم كله ، وإرادة كله ، مع أن مفهوم الإرادة مغاير لمفهوم العلم ، ومفهوم الذات ، وسائر الصفات ، وليس مفهوم الإرادة العلم بالنظام الأصلح الكامل التام كما فسرها بذلك المحقق صاحب الكفاية (قده) ضرورة أن رجوع صفة ذاتية إلى ذاته تعالى وتقدس وإلى صفة أخرى كذلك انما هو في المصداق ، لا في المفهوم ، لما عرفت من ان مفهوم كل واحد منها غير مفهوم الآخر. ومن هنا قال الأكابر من الفلاسفة أن مفهوم الإرادة هو الابتهاج ، والرضا ، أو ما يقاربهما معنى ، لا العلم بالصلاح والنظام ، ويعبر عنه بالشوق الأكيد فينا ، والسّر في التعبير عن الإرادة فينا بالشوق المؤكد ، وبصرف الابتهاج والرضا