عن الابتهاج الذاتي الّذي هو الإرادة الذاتيّة ، والروايات الدالة على حدوث الإرادة انما يراد بها الإرادة الفعلية التي هي من آثار إرادته الذاتيّة.
ولنأخذ بالنظر في هذه النقاط :
اما النقطة الأولى : فهي تامة من ناحية. وهي أن مفهوم الإرادة غير مفهوم العلم ، وخاطئة من ناحية أخرى ، وهي ان مفهوم الإرادة الابتهاج والرضا.
اما تماميتها من الناحية الأولى ، فلما ذكرناه في بحث المشتق من ان مفاهيم الصفات العليا الذاتيّة مختلفة ومتباينة ، فان مفهوم العلم غير مفهوم القدرة ، وهكذا ، ولا فرق في ذلك بين الواجب والممكن. نعم يفترق الواجب عن الممكن في نقطة أخرى ، وهي ان مطابق هذه الصفات في الواجب واحد عيناً وذاتاً وجهة. وفي الممكن متعدد كذلك.
واما عدم تماميتها من الناحية الثانية فلان من الواضح ان مفهوم الإرادة ليس هو الابتهاج والرضا ، لا لغة ، ولا عرفاً ، وانما ذلك اصطلاح خاص من الفلاسفة ، حيث أنهم فسروا الإرادة الأزلية بهذا التفسير. ولعل السبب فيه التزامهم بعدة عوامل تالية : (الأول) ان إرادته تعالى عين ذاته خارجاً وعيناً (الثاني) انها ليست بمعنى الشوق الأكيد المحرك للعضلات ، كما عرفت (الثالث) انها مغايرة للعلم ، والقدرة والحياة ، وما شاكلها من الصفات العليا بحسب المفهوم (الرابع) أنه لم يوجد معنى مناسباً للإرادة غير المعنى المذكور ، وبطبيعة الحال ان النتيجة على ضوء هذه العوامل هي ما عرفت.
ولكن هذا التفسير خاطئ جداً ، وذلك : لأن الإرادة لا تخلو من ان تكون بمعنى إعمال القدرة ، أو بمعنى الشوق الأكيد ، ولا ثالث لهما وحيث ان الإرادة بالمعنى الثاني لا تعقل لذاته تعالى تتعين الإرادة بالمعنى