الأول له سبحانه وهو المشيئة وإعمال القدرة.
وأضف إلى ذلك ان الرضا من الصفات الفعلية كسخطه تعالى ، وليس من الصفات الذاتيّة كالعلم ، والقدرة ، ونحوهما ، وذلك لصحة سلبه عن ذاته تعالى ، فلو كان من الصفات العليا لم يصح السلب أبداً.
على انا لو فرضنا ان الرضا من الصفات الذاتيّة فما هو الدليل على ان إرادته أيضا كذلك ، بعد ما عرفت من ان صفة الإرادة غير صفة الرضا ، وكيف كان فما أفاده (قده) لا يمكن المساعدة عليه بوجه.
واما النقطة الثانية (إرادته تعالى صفة ذاتية له) فهي خاطئة جداً.
والسبب في ذلك : أولاً ما تقدم من أن الإرادة بمعنى الشوق المؤكد لا تعقل في ذاته تعالى. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى قد سبق ان تفسير الإرادة بصفة الرضا والابتهاج تفسير خاطئ لا واقع له. ومن ناحية ثالثة انا لا نتصور لإرادته تعالى معنى غير إعمال القدرة والسلطنة. وثانياً قد دلت الروايات الكثيرة على ان إرادته تعالى فعله ، كما نصّ به قوله : سبحانه «إذا أراد شيئاً ان يقول له كن فيكون» وليس في شيء من هذه الروايات إيماء فضلاً عن الدلالة على ان له تعالى إرادة ذاتية أيضا بل فيها ما يدل على نفي كون إرادته سبحانه ذاتية كصحيحة عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت «لم يزل الله مريداً قال ان المريد لا يكون إلا المراد معه لم يزل الله عالماً قادراً ثم أراد» (١) ورواية الجعفري قال قال الرضا عليهالسلام : «المشيئة من صفات الأفعال فمن زعم ان الله لم يزل مريداً شائياً فليس بموحد» فهاتان الروايتان تنصان على نفي الإرادة الذاتيّة عنه سبحانه.
ثم ان سلطنته تعالى حيث كانت تامة من كافة الجهات والنواحي ولا
__________________
(١) أصول الكافي ج (١) باب الإرادة انها من صفات الفعل.