يتصور النقص فيها أبداً فبطبيعة الحال يتحقق الفعل في الخارج ويوجد بصرف إعمالها من دون توقفه على أية مقدمة أخرى خارجة عن ذاته تعالى كما هو مقتضى قوله سبحانه «إذا أراد شيئاً ان يقول له كن فيكون».
وقد عبّر عن هذا المعنى في الروايات تارة بالمشيئة ، وتارة أخرى بالإحداث والفعل. اما الأول كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «المشيئة محدثة». وصحيحة عمر بن أذينة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «خلق الله المشيئة بنفسها ، ثم خلق الأشياء بالمشيئة» (١) ومن الطبيعي ان المراد بالمشيئة هو إعمال القدرة والسلطنة ، حيث انها مخلوقة بنفسها ، لا باعمال قدرة أخرى ، وإلا لذهب إلى ما لا نهاية له.
واما الثاني كما في صحيحة صفوان بن يحيى قال عليهالسلام : «الإرادة من الخلق الضمير ، وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل ، واما من الله تعالى ، فإرادته إحداثه ، لا غير ذلك ، لأنه لا يروي ، ولا يهم ، ولا يتفكر ، وهذه الصفات منفية عنه ، وهي صفات الخلق ، فإرادة الله الفعل لا غير ذلك ، يقول له كن فيكون ، بلا لفظ ، ولا نطق بلسان ، ولا همة ، ولا تفكر ، ولا كيف ، كما أنه لا كيف له» فهذه الصحيحة تنص على ان إرادته تعالى هي امره التكويني.
واما النقطة الثالثة فهي تامة ، لوضوح ان إرادتنا هي الشوق المؤكد الداعي إلى إعمال القدرة والسلطنة نحو إيجاد المراد ، وسنبين إن شاء الله تعالى ان ملاك كون الأفعال في إطار الاختيار هو صدورها باعمال القدرة والمشيئة لا كونها مسبوقة بالإرادة ، بداهة ان الإرادة بكافة مقدماتها غير اختيارية فلا يعقل ان تكون ملاكاً لاختياريتها ، على انا نرى وجداناً وبشكل قاطع ان الإرادة ليست علة تامة للافعال ، وسيأتي توضيح هذه النقاط بصورة
__________________
(١) أصول الكافي باب الإرادة انها من صفات الفعل.