مفصلة إن شاء الله تعالى.
واما النقطة الرابعة فيرد عليها ان الروايات قد دلت على ان إرادته تعالى ليست كعلمه وقدرته ، ونحوهما من الصفات الذاتيّة العليا ، بل هي فعله وإعمال قدرته كما عرفت. وان شئتم قلتم لو كانت لله تعالى إرادتان : ذاتية وفعلية لأشارت الروايات بذلك لا محالة ، مع انها تشير إلى خلاف ذلك.
ثم ان قوله عليهالسلام في الصحيحة المتقدمة ان المريد لا يكون إلا المراد معه إشارة إلى ان الإرادة الإلهية لو كانت ذاتية لزم قدم العالم ، وهو باطل ويؤيد هذا رواية الجعفري عن الرضا عليهالسلام «فمن زعم ان الله لم يزل مريداً شائياً فليس بموحد» فانه صريح في ان إرادته ليست عين ذاته كالعلم ، والقدرة ، والحياة.
لحد الآن قد ظهر امران :
(الأول) انه لا مقتضى لما التزم به الفلاسفة وجماعة من الأصوليين منهم صاحب الكفاية وشيخنا المحقق قدسسرهما من كون إرادته تعالى صفة ذاتية له ، بل قد تقدم عدم تعقل معنى محصل لذلك.
(الثاني) ان محاولتهم لحمل الروايات الواردة في هذا الموضوع على إرادته الفعلية ، دون الذاتيّة خاطئة ولا واقع موضوعي لها ، فانها في مقام بيان انحصار إرادته تعالى بها.
ولشيخنا المحقق الأصفهاني (قده) في المقام كلام ، وحاصله : ان مشيئته تعالى على قسمين : مشيئة ذاتية ، وهي عين ذاته المقدسة ، كيفية صفاته الذاتيّة ، فهو تعالى صرف المشيئة ، وصرف القدرة ، وصرف العلم ، وصرف الوجود ، وهكذا ، فالمشيئة الواجبة عين الواجب تعالى. ومشيئة فعلية ، وهي عين الوجود الإطلاقي المنبسط على الماهيات ، والمراد من المشيئة الواردة في الروايات من انه تعالى خلق الأشياء بالمشيئة ، والمشيئة بنفسها