تحقّقها عند الزائر ، ومعها يقف في ساحة المقامات العالية بين يدي المعصومين عليهمالسلام ، ليقرَّ لهم بالموالاة ويشهد على نفسه بالبراءة من أعدائهم ، ويتعهّد بالسير على منهجهم ، والعدول عن نهج مخالفيهم.
والذي يجب أن يُدرَك أنّ حقيقة التولّي لآل البيت والبراءة من أعدائهم موصولة بحقيقة موالاة الخالق (عزّ وجلّ) وتوحيده والإخلاص في طاعته ، والتبرّي عن كلِّ ما يوجب الشرك والكفر ، ولذا ورد في أحاديثهم عليهمالسلام عن الرسول الأكرم : «يا عليُّ مَن زارني حيّاً أو ميّتاً أو زاركَ في حياتك أو بعد موتك أو زار فاطمةَ أو زار الحسنَ أو زار الحسينَ في حياتهم أو بعد وفاتِهم كان كَمَنْ زار الله في عرشِه»(١). ومنه يُعلَم أنّ الزيارة هي ارتباط روحي مع الإمام المعصوم ، وإعراض عن غيره ، وتسليم لمنهجه الذي هو منهج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، المُبلَّغ به عن الله سبحانه وتعالى. وأنّ مَن يقرأ الزيارة الجامعة يتّضح له هذا المعنى جليّاً ، ومن أمثلة ذلك قول الإمام عليهالسلام : «مَنْ وَالاكُمْ فَقَدْ وَالى اللهَ ، وَمَنْ عَادَاكُمْ فَقَدْ عَادَى الله»(٢).
أمّا لفظ (الجامعة) فمأخوذ من مناسبة الزيارة ، ذلك أنّ الراوي طلب من الإمام أن يعلّمه قولاً بليغاً كاملاً يصلح لزيارة أىِّ واحد منهم (سلام الله عليهم) ، فجمع له الإمام بهذه الزيارة ما أراد. وأمّا وصف هذه الزيارة بـ : (الكبيرة) ، فلأنّها من أطول الزيارات الواردة إلينا عن المعصومين عليهمالسلام.
__________________
(١) بحار الأنوار : ٩٧/٢٥٩.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٨.