لَجَعَلْتَهُمْ شُفَعَائِي»(١).
وهذا التركيب مكوَّن من الأداة (لو) ، وفعل الشرط (وجدت) ، والجواب (لجعلتهم) ، وكلاهما ماضيان ، وثبتت اللام في الجواب لتأكيد ارتباط جملة فعل الشرط بالجواب ، وتصدّر هذا التركيب بلفظة (اللّهُمّ) التي تدلّ على لفظة (الله) المختصّة بندائه (عزّ وجلّ) ، فلا تُسْتَعْمَلُ فِي نداء غَيْرِهِ ، مع دلالتها على تفخيم المنادى ،(٢) وتفخيم الأمر المنادَى لأجله ، فاتّخاذ الشفعاء الأقرب إلى الله موجب للقبول والفوز في الأمور كلّها ، وعدم التوفيق إلى ذلك مهلكة ومفسدة.
وقد تعلّق في هذه الجملة الشرطية وقوع (الجواب) وهو جعلُ شفعاء أقرب إلى الله غير محمّد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته عليهمالسلام لانتفاء الشرط ، وهو وجود مثل هكذا شفعاء بهذه الكيفية وهذه الصفات ، فتقرّر أنّه لم يجد أقرب منه ، لذلك لم يتّخذ غيرهم ، فالجعلُ منتف لانتفاء الوجود ، ومتى سيقع ويتحقّق وجود مثل هؤلاء الشفعاء ـ على الفرض ـ سيتّخذهم شفعاؤه عند الله ، ولكنّه لم يجد أقرب منهم قرباً معنويّاً إلى الله تعالى ، ولذلك فإنَّ عبارة (إنِّي لو وجدت) فيها إشعار وتلويح بعدم وجدان شفعاء بهذا القيد الذي قيّده الإمام عليهالسلام(٣) وخصَّهم بأنّهم كانوا أقرب إلى الله من محمّد وآل محمّد في أىِّ
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٩١.
(٢) ينظر في تأصيل هذا اللفظ ، والخلاف فيه ، وفي دلالته : كتاب سيبويه : ٢/١٩٦ والمقتضب : ٤/٢٤٢ ، والإنصاف في مسائل الخلاف (م ٤٧) ١/ ٢٧٩ ـ ٢٨٠.
(٣) ينظر : الأعلام اللامعة : ٢٨٣.