حال ، ولو وُجِدُوا لوجب اتّخاذهم ، لكن هذا ممتنع لامتناع وجودهم أصلاً.
ونلمس من هذا الكلام أيضاً تعريضاً بمَن يتّخذ غيرهم شفعاء ، لأنَّهم لا يشفعون له ، كما قال تعالى في كتابه العزيز : (يَوْمَئِذ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً)(١) ، وقال تعالى : (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)(٢) ، ويعضد ذلك التعريض تعدُّد الأوصاف ذات المقامات العالية التي ذُكرت في وصف أولئك الشفعاء في النصِّ : (أقْرَبَ إلَيْكَ من مُحَمِّد وأهْلِ بَيْتِهِ) ، (الأخْيارِ) ، (الأئِمَّةِ) ، (الأبْرارِ).
٣ ـ إنْ : حرف شرط جازم ، يدخل على جملتَين لا صلة بينهما ، فيربط إحداهما بالأُخرى ، ويُصيّرهما كالجملة ، نحوَ : (إن تأتني آتِك) ، والأصلُ (تأتيني آتيك) ، فلمّا دخل حرف الشرط (إنْ) ، عقد إحديهما بالأخُرى ، فلو قال : إن تأتني ، وسكتَ ، لا يكون كلاماً ، حتّى تأتي بالجملة الأخُرى ، لأنَّ بينهما معنىً معقوداً ومتّصلاً ، فهما نظيرا المبتدأ والخبر اللذين لا يستغني أحدهما عن الآخر(٣) ، أمّا زمن التعليق بينهما فهو المستقبل(٤) ، وتدخل (إنْ) على الماضي فتقلبه مستقبلاً ، لأنَّ حقَّها «أنْ يليها المستقبل من الفعل ، لأنَّك إنَّما تشرط فيما يأتي أنْ يقعَ شيءٌ لوقوع غيره ، وإنْ وليها فعل
__________________
(١) طه : ١٠٩.
(٢) المدثر : ٤٨.
(٣) ينظر : شرح المفصّل : ٥/١٠٦.
(٤) ينظر : المصدر نفسه : ٤/٢٦٤ ، واللمحة في شرح الملحة : ٢/٨٦٦.