ماض أحالت معناه إلى الاستقبال»(١).
ونجدها قد وردت في نصِّ الزيارة الجامعة في موضع واحد ، في قوله عليهالسلام : «اِنْ ذُكِرَ الخَيْرُ كُنْتُمْ أَوَّلَهُ وَأَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأْوَاهُ وَمُنْتَهَاهُ»(٢)
فانطلاق الخير وابتداؤه يكون منهم ، وانتهاؤه يكون بهم ، وأنَّهم أساس الخير وأصله ، فهو قائم بهم ومتوقّف عليهم ، وهم أعلى شيء في هذا الخير ، وأنَّهم مركزه ووسطه وجوهره المنضوي عليهم ، وهم المأوى والمُتَجَمَّع الذي يأوي إليه الخير ويلجأ ، ومكان أمانه واستقراره وحفظه ، فقد احتَووه احتواءً كاملاً تامّاً من حيث المبدأ والمنتهى وجهات انتشاره واستقراره ، فهو لا يفارقهم في حال ذهاب أو إياب.
وفي النصّ الشريف ورد التركيب الشرطي مكوّناً من الأداة (إنْ) ، وفعل شرط ماض مبني للمجهول ، طوي فاعله لغرض التركيز على الحدث وتعميم دلالته ليشملَ كلَّ ذاكر للخير مِن دون استثناء أحد(٣) ، ثم إنّ لمضي الفعل دلالةً على أنَّ الأمر متحقّق في الواقع ، إذ لا بُدَّ من أنْ يكون هناك ذاكر للخير ، فاستعمال (ذُكِرَ) «تحقيقاً للأمر ، وتثبيتاً له ، أي إنَّ هذا وعدٌ موفىً به لا محالة ، كما أنَّ الماضي واجب ثابتٌ لا محالة»(٤) ، فهو قطعيّ الحدوث ، لذلك جيء بالفعل الماضي المبني للمجهول ليدلّ على قطعية ذكر الخير من جانب
__________________
(١) الأصول في النحو : ٢/١٥٨.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٩٠.
(٣) ينظر : أسرار العربية : ٨٥.
(٤) الخصائص : ٣/٣٣٤.