مَنْ مَضى ، فَالرّاغِبُ عَنْكُمْ مارِقٌ ، وَاللاّزِمُ لَكُمْ لاحِقٌ ، وَالْمُقَصِّرُ في حَقِّكُمْ زاهِقٌ»(١) ، فتظهر الفاء لبيان النتيجة المترتّبة على ما ذكر قبلها ، فالفاء في (فالراغب) سببية عمّا سبقها من الكلام ، أي : بعد أن ثبت أنَّكم الأئمّة الراشدون المهديّون المعصومون المكرّمون المقرّبون المتّقون الصادقون وغيرها من الصفات المتقدّمة ، يكون الراغب عنكم مارق ، أي خارج عن دين الله (عزَّ وجلَّ) ، وكذلك مَن لازمكم وقال بإمامتكم وأخذ بأقوالكم وتبعكم كان لاحقاً لكم في الدنيا والآخرة(٢) ، فالفاء بيَّنت هذا الجزاء المُترتّب على ما سبق من كونهم الأئمّة والراشدين ـ إلى آخر الصفات ـ الذين يهلك مَنْ يعاديهم ويفوز مَنْ يواليهم.
ويُلحَظُ في نصِّ الزيارة الجامعة أنَّ هناك جُملاً تكرّرت بشكل منتظم يُسمّى تكرار التراكيب المتراصّة أو الجمل المتوازية ، ويعمد المتكلّم في هذا النوع من التكرار إلى توجيه خطابه بجمل ، لا ألفاظ ، منسّقة تركيبيّاً من حيث مكوّناتها ، تربطها أداة من الأدوات ، فتتتابع الأفكار وتتلاحق بتلاحق تلك التراكيب المنسَّقة لغرض يرمي المتكلّم إلى إيصاله ، فضلاً عن أنَّ بناء الجمل على هذه الشاكلة يمنح مجالاً للسرد وتعانق الأفكار والمعاني بيسر ، إذ يبتعد عن التعقيد والتكلّف ، علاوةً على ما فيه من انطلاق وحلّ لعقدة اللسان ، لعدم وجود ما يفصل تلك التراكيب المتوازية بعضها عن بعض ، فالجمل بهذا
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٧.
(٢) ينظر : في رحاب الزيارة الجامعة : ٣٥٧ ـ ٣٥٩ ، والأعلام اللامعة : ١٧ ـ ١٧٧.