عليهم ، ودقّتها وظرافتها لديهم ، فاتّخذ العلماء سبلاً أُخرى ـ غير البرهان العقلي ـ لتفهيم العقول ، ووقوعها محلّ الرضا والقبول.
ومن أهمّ وجوه البرهان والاستدلال ما يرتبط منها بأُصول الدين ، كمسألة الإمامة والولاية بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؛ فإنّها من أهمّ ما يمكن أن يتضلّع المسلم المؤمن فيها ؛ فهي الركن والأساس في الاعتقاد ، وإذا سلم منها سلم في غيرها حتّى في التوحيد ومعرفة الخالق ، كما ورد عن الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام : «بُني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية ، ولم يُناد بشيء كما نودي بالولايةِ»(١).
وقد قال العلاّمة الشيخ محمّد رضا المظفّر رحمهالله (ت ١٣٨٣ هـ) في حقيقة البرهان في بيان أقسام الصناعات الخمسة :
«إنّ العلوم الحقيقيّة التي لا يُراد بها إلاّ الحقّ الصراح لا سبيل لها إلاّ سبيل البرهان ؛ لأنّه هو وحده من بين أنواع القياس الخمسة ـ يصيب الحقّ ويستلزم اليقين بالواقع ، والغرض منه معرفة الحقّ من جهة ما هو حقّ ، سواء كان سعي الإنسان للحقّ لأجل نفسه ليناجيها به وليعمر عقله بالمعرفة أو لغيره لتعليمه وإرشاده إلى الحقّ ، ولذلك يجب على طالب الحقيقة ألاّ يتّبع إلاّ البرهان ، وإن استلزم قولاً لم يقل به أحد قبله»(٢).
__________________
(١) الكافي : ٢ / ١٨ ، ح ١.
(٢) المنطق للمظفّر : ٣٦٠.