فعلى الباحثين والمفكّرين أن يقرّروا هذه المباحث لحاجة الناس إليها.
بناءً على ذلك التجأ العلماء في صنوف التصنيف إلى طرق وسبل أُخرى يأنس بها العوام ، وتتقرّب إلى الأفهام ، نحو القصص والأشعار والأراجيز وسائر أنواع التصنيف وفنون التأليف.
ومن المعلوم أنّ الشعر في لسان المناطقة من الصناعات الخمسة ، قال الشيخ المظفّر رحمهالله في تعريف الشعر :
«إنّ الشعر صناعة لفظيّة تستعملها جميع الأُمم على اختلافها ، والغرض الأصلي منه التأثير على النفوس لإثارة عواطفها من سرور وابتهاج أو حزن وتألّم أو إقدام وشجاعة أو غضب وحقد أو خوف وجبن أو تهويل أمر وتعظيمه أو تحقير شيء وتوهينه ، أو نحو ذلك من انفعالات النفس ، والركن المقوّم للكلام الشعري المؤثّر في انفعالات النفوس ومشاعرها أن يكون فيه تخييل وتصوير ؛ إذ للتخييل والتصوير الأثر الأوّل في ذلك ، كما سيأتي بيانه ، فلذلك قيل : إنّ قدماء المناطقة من اليونانيّين جعلوا المادّة المقوّمة للشعر القضايا المتخيّلات فقط ، ولم يعتبروا فيه وزناً ولا قافية» (١).
فعلى هذا التعريف تكون القصص من أقسام الشعر عند المناطقة ، وقد صرّح بذلك الخواجه نصير الدين الطوسي (٦٧٢ هـ) في معيار الأشعار بقوله : «إنّ الشعر عند المنطقيّين كلام مخيّل موزون ، وفي عرف الجمهور كلام
__________________
(١) المنطق للمظفّر : ٤٦٠.