وهذا الوضوح بمكانة ممّا يفهمها ويحتجّ بها حتّى الرجل الذي يحسبه الناس مجنوناً ، وعلى العكس فإنّ الرجل المجنون احتجّ على أبي الهذيل بأدلّة لم يقدر على جوابها.
وإنّ خياليّة الحكاية لا يضرّ بأهمّيّتها ، فإنّنا نعترف بعدم وجود رجل مجنون ، وأنّه لم يناظر أبا الهذيل ، لكن هي بحدّ ذاتها مهمّة لانطوائها على جملة من المسائل الكلاميّة والبراهين والاستدلالات بلغة بسيطة يفهمها الجميع.
فعلى هذا الأساس ـ حينئذ ـ أن مثل هذه القصص لا يمكن ردّها ولا دفعها لمجرّد كونها قصصاً ، بل لابدّ من اعتبار محتواها ، ولا يرتاب قاري هذا القصص في أنّ هذه القصص نجد فيها بحثاً علميّاً شيّقاً.
علماً بأنّ الاستدلال والبرهان لا يحتاجان إلى السند والطريق ، بل المناط مطابقتهما للقواعد والقياسات التي استحسنها العقل ، وإن نجعلهما في قالب لا يتعارف إلقاء البراهين فيها.
أبو الهذيل العلاّف في سطور :
محمّد بن الهذيل بن عبيد الله بن مكحول ، أبو الهذيل العلاّف ، مولى عبد القيس.
شيخ المعتزلة ، ورأسها ، ومصنّف الكتب في مذاهبهم ، وهو من أهل