ثمّ قال : وأخبرني يا أبا الهذيل ، عن هذا الاسم الذي تسمّونه به وهو قولكم : (الصدّيق) ، هو اسم سمّاه به أبوه أو عرف به في الجاهليّة؟
قلت : إنّما سمّي الصدّيق ؛ لأنّه صدّق رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وآمن به.
فتبسّم ضاحكاً وقال : قد سبقه بالتصديق جماعة غير واحد ؛ هذا ورقاء ابن نوفل(١) لمّا أخبرته خديجة بنت خويلد رضیاللهعنها أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) رأى جبرئيل فقال لها : ما أهبط جبرئيل منذ رفع المسيح عليهالسلام فأرسلي إلى محمّد حتّى أسأله عن ذلك.
فلمّا جاء النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وعرف أمره ، أرسل إلى خديجة : أنّ محمّداً وصف لي صفة الأنبياء وهبوط الملائكة عليهمالسلام وسألته عمّا لا يعرفه إلاّ الأنبياء فأجابني عليه ، وهو النبيّ الموصوف في الكتب أنّه صاحب الدين الحنيفي ، فاستوصى به فلئن أدركت دعوته لأكوننّ له أصدق عون ، ومات رحمهالله قبل ظهور دعوته (صلّى الله عليه وآله) وقد قال (صلّى الله عليه وآله) وقد سئل عن ورقاء بن نوفل فقال : «رجل آمن بي وصدّق بنبوّتي قبل إظهار دعوتي»(٢).
__________________
(١) كذا في الأصل ، والظاهر أنّ الصواب : ورقة بن نوفل ، كما في المصادر.
(٢) انظر : مسند أحمد : ١ / ٣١٢ ، صحيح البخاري : ١ / ٣ و ٤ / ١٢٤ و ٦ / ٨٨ ، صحيح مسلم : ١ / ٩٧ ، المصنّف للصنعاني : ٥ / ٣٢٢ ، الذرّيّة الطاهرة : ٥٨ / ٢٠ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٨٤ و ٧ / ٥١ ، السنن الكبرى للبيهقي : ٩ / ٦.