لكلّ طائفة قاض ، كان لها إمام يؤمّها في صلاتها ، فلكلّ إمام مكان محدّد في المسجد يصلّي فيه مع أتباعه(١).
ـ ومن أبرز الطبقات في مجتمع مكّة والمدينة : (طبقة المجاورين) ، وهم يشكّلون جزءاً كبيراً في البناء الاجتماعي لمجتمع المدينة المنوّرة ، حيث استقرّوا واندمجوا مع السكّان الأصليّين ، وهم من أكبر طبقات المدينة عدداً ، وتسميتهم تأتي من الجوار والمجاورة ، وتعني المجاورة البقاء في مكّة والمدينة لفترة غير معلومة تنتهي بخروج المجاور من إحدى هاتين المدينتين أو الوفاة بهما(٢).
وتتكوّن هذه الطبقة من كثيرين قدموا من مختلف أنحاء العالم الإسلامي للمجاورة بجوار المسجد النبوي ، وتعدّدت بلدانهم ، خاصّة مصر والشام والعراق والمغرب واليمن وفارس وبلاد ما وراء النهر وغيرها ، وكان منهم العلماء والتجّار وطلبة العلم وأرباب الوظائف الدينية كالأئمّة والقضاة وجماعات أخرى وفدت على المدينة. ولفضل المجاورة بها ، ما لبثوا أن استقرّوا واندمجوا مع سكّانها وشاركوهم في الحركة العلمية والاقتصادية(٣).
ولم تكن مدّة مجاورتهم محدّدة ، فقد تطول أو تقصر ، تبعاً لرغبة المجاور وأحوال مكّة والمدينة خلال فترة وجوده ، فقد يمكث بعضهم بضع
__________________
(١) الرحلات المغربية والأندلسية مصدر من مصادر تاريخ الحجاز في القرنين السابع والثامن الهجريّين : ٢٠٦.
(٢) لسان العرب ١/٥٣٠ ـ ٥٣١.
(٣) العلاقات بين مصر والحجاز : ٢٣٤ ـ ٢٣٥.