سنوات ، وآخرون يفضّلون الإقامة حتّى يدركهم الموت ، ومارس العديد منهم بعض الأعمال إضافة إلى تولية الوظائف الدينية ، ومنها إمامة الحرم النبوي والأذان والقضاء والتدريس والفتوى ، ومنهم طلاّب للعلم(١) ، وقد نالوا الرعاية من جانب الحكّام المسلمين.
ـ أيضاً ، شكّلت (طبقة الأغوات)(٢) طبقة ذات خصائص اجتماعية خاصّة ؛ والأغوات هم من يقومون على خدمة المسجد النبوي الشريف ، بعضهم من أصل حبشي أو صقلبي ، وكان صلاح الدين الأيّوبي هو الذي ثبّت قاعدة الخدّام في الحرم النبوي ، وأوقف عليهم الأوقاف والجامكية(٣) ، ولهم كتاب بذلك وقفهم فيه على الحرم النبوي الشريف سنة ٥٦٨ هـ (١١٧٢ م) ، كان موجوداً لديهم إلى أيّام السخاوي(٤).
كانت طبقتهم كما ذكرها السخاوي في كتابه التحفة اللطيفة تقوم بحفظ المسجد نهاراً ، ومباشرة قفل أبوابه ، والمبيت فيه لحراسته ، ممّا هو الأصلي في ابتكارهم ، وتنزيل القناديل وتعليقها للتعمير والوقود وغسلها أومسحها وإسراج ما يوقد منها سَحَراً ، والدوران بعد صلاة العشاء بالقناديل لتفقد من
__________________
(١) الحياة العلمية الاجتماعية في مكّة : ١٤٤.
(٢) الأغوات جمع آغا والمقصود بها خدّام سيّد السادات (صلى الله عليه وآله). ينظر : تحفة المحبّين والأصحاب في معرفة ما للمدنيّين من الأنساب : ٥٣.
(٣) الجامكية : لفظ فارسي مشتقّ من جامة بمعنى اللباس ؛ أي نفقات أو تعويض اللباس الحكومي وقد ترد بمعنى الأجر أو الراتب أو المنحة والجمع (جامكيات ، جوامك ، جماكى) ينظر : معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي : ٥١.
(٤) التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة ١/٦١ ـ ٦٣.