التصنيف اهتماماً عند المُحَدِّثين الكُوفيّين من الشيعة ؛ ويبدو أنّ ذلك يعود لأسباب :
أوّلاً : إنّ عقيدة الغَيبة وانتظار الفرج كان هاجساً يراود أحلام الشيعة الذين كانوا يرون فيها الضوء المرتقب في نهاية النفق المظلم لسيطرة دولة الباطل على مقادير البلاد ومصالح العباد ، وما أحدثوه في الدين من بدع وضلالات ، على حساب حقّ أهل البيت السليب ، وتراثهم المنهوب.
ثانياً : إنّ ظهور بعض الجماعات المذهبية كجماعة الواقفة أعاد طرح مباحث الغيبة بقوّة في الأوساط الشيعية ، إذ نجح زعماء هذه الجماعات في تذويب عقائدها وتنظيراتها داخل القواعد الشيعية من خلال توظيف مسألة الغيبة ، وتأويل بعض النصوص والروايات المتشابهة ، وقد وصل بهم الأمر إلى وضع الأحاديث واختلاقها ، مستغلّين الجوّ العاطفي الذي تفرضه هذه النصوص في قلوب الشيعة لجذب الأتباع والمريدين ، وكسب التأييد والنفوذ عند مختلف الطبقات الشيعية.
إنّ نظرة فاحصة لأهمّ الكتب والمصنّفات الشيعية حول مسألة الغيبة يكشف لنا اهتمام زعماء الواقفة أو المحسوبين عليهم بالتصنيف في هذا المجال ، والأهمّ من ذلك أنّ كتبهم ورواياتهم مبثوثة في مصادرنا الأصلية كغيبة النعماني وغيبة الطُّوسي وغيرهما ، وهو ما يرجّح أنّهم صنّفوا هذه الكتب في حال استقامتهم ، أو أنّهم رووا روايات صحيحة إلاّ أنّهم استعملوا سلاح التأويل في توظيف هذه النصوص والعبور على متنها إلى تحقيق