المبحث الأول
خطب الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاءقدسسره
يرى أغلب الباحثين أنّ الخطابة أخذت تتطوّر وتنتعش منذ أواخر القرن الماضي ، ويعدّ عصر الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء من العصور التي تفنّن فيها الخطباء ، وذلك طبيعي في مثل هذه النهضة الجديدة التي كثرت فيها الجمعيّات والأحزاب وتطوّرت فيها الحياة السياسية والاجتماعية ، وفتحت أبواب شتّى لمخاطبة الجمهور ، ونشأت في الأقطار العربية المختلفة ضروب من الخطب لم يعنى فيها القدماء(١) ، وهي عادة من الأسلوب السهل المرسل ، على أنّه يمتاز عن الأسلوب الكتابي السائد في المقالات والمؤلّفات بما يكثر فيه من صنع المخاطبة والاستفهام والإيهام والتكرير والتعجّب والقسم وتقطيع العبارات تقطيعاً يناسب نبرات المتكلّم وإشاراته ، مع الإكثار من الشواهد الموضّحة والعبر المؤثّرة وهو ما يتلائم وخطب الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، فقد عرف الشيخ أنّ للخطابة دوراً هامّاً في حركة الكلمة في العقل وفي القلب وفي الواقع من خلال تأثيرها الإيجابي على قناعات الناس في مختلف جوانب الفكر والحياة ، حتّى استطاع الشيخ رحمه الله أن يعيد إليها الروح ، فقد اهتم بالأسلوب الجميل والتعبير بالكلمة الطيّبة والقول الحسن.
__________________
(١) ينظر الاتجاهات الأدبية في العالم العربي الحديث : ٤٥٨.