مقدّمة
في تحقيق وجه تسمية البحرين
قال الأفندي : «إعلم أنّ البحرين يقال لها : أوال ، وجزيرة أوال ، وهجر ، بل الخطّ أيضاً ، ولكن فيه تأمّل ، لأنّ الخطّ لا يطلق إلاّ على القطيف ، بل في إطلاق هجر عليه تأمّل ، لأنّه كما سيأتي غير البحرين.
والمعروف أنّ أهل البحرين بل أهل الخطّ القطيف ، ويشهد بذلك النواحي لسانهم ، ولغتهم هي لغة النبط ، ولسان النبطي. ثمّ قد اشتبه الأمر في وجه تسمية هذا المكان بالبحرين ، فالمشهور بين الناس أنّه مجمع البحر المالح والبحر الحالي ، بل عليه يحملون قوله تعالى في سورة الرحمن : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)(١) فظنّوا أنّه لا يتكوّن اللؤلؤ إلاّ باجتماع مائي الحلو والمالح ، لكن هذا خبط في خبط في ضبط.
أمّا أوّلاً : فإنّ البحر الحالي لا يوجد في هذا الموضع أصلاً ، ولو فرض أنّ المراد بالبحر الحالي هو شطّ العرب ، فهو أيضاً لا ينفع المدّعى ، فإنّ بين البصرة التي فيها شطّ العرب وبين البحرين مسافة بعيدة ، ولا يتّصل به ماء ذلك الشطّ.
__________________
(١) سورة الرحمن : ١٩ ـ ٢٢.